والسناد من قولهم: خرج بنو فلان برأسين متساندين، أي هذا على حياله وهذا على حياله، وهو مثل ما قالوا: كانت قريش يوم الفجار متساندين، أي لا يقودهم رجل واحد.
ولنتبع ذلك بالكلام على عيوب المعاني.
عيوب المعاني:
قد كنا قدمنا في باب النعوت، أن جملتها أن يكون المعنى مواجهاً للغرض، غير عادل عنه إلى جهة أخرى، وبينا من الأغراض التي تنتحيها الشعراء في ذلك الموضع ما إذا حفظ عرف العيب بالعدول عنه، وبدأنا في باب النعت بأمور جعلناها مثالات، فلا بأس في أضدادها بمثالات أيضاً.
[ذكر المديح]
لما كنا قدمنا من حال المديح الجاري على الصواب ما أنبأنا أنه الذي يقصد فيه المدح للشيء بفضائله الخاصية، لا بما هو عرضي فيه، وجعلنا مديح الرجال مثالاً في ذلك، وذكرنا أن من قصد لمدحهم بالفضائل النفسية الخاصية كان مصيباً، وجب أن يكون ما يأتي به من المدح على خلاف الجهة التي ذكرناها في النعوت معيباً.
ومن الأمثلة الجياد في هذا الموضع ما قاله عبد الملك بن مروان لعبيد الله بن قيس الرقيات، حيث عتب عليه في مدحه إياه: إنك قلت في مصعب بن الزبير:
إنما مصعب شهاب من الله ... تجلت عن وجهه الظلماء
وقلت في:
يأتلق التاج فوق مفرقه ... على جبين كأنه الذهب
فوجه عتب عبد الملك: إنما هو من أجل أن هذا المادح عدل به عن الفضائل النفسية، التي هي العقل والعفة والعدل والشجاعة، وما جانس ذلك، ودخل في جملته إلى ما يليق بأوصاف الجسم في البهاء والزينة، وقد كنا قدمنا أن ذلك غلط وعيب.