الأمر في الوزن إلى نقضها عن البنية بالزيادة عليها والنقصان منها، وأن تكون أوضاع الأسماء والأفعال والمؤلفة منها، وهي الأقوال، على ترتيب ونظام لم يضطر الوزن إلى تأخير ما يجب تقديمه، ولا إلى تقديم ما يجب تأخيره منها، ولا اضطر أيضاً إلى إضافة لفظة أخرى يلتبس المعنى بها، بل يكون الموصوف مقدماً والصفة مقولة عليها، وغير ذلك مما لو ذهبنا إلى شرحه لاحتجنا إلى إثبات كثير من صناعتي المنطق والنحو في هذا الكتاب، فكان يصعب النظر فيه على أكثر الناس، ولكن في ما أجملته في هذا القول، وأشرت إليه من التنبيه على الطريق التي يعرف بها جودة هذا الباب ما كفى وأغنى عند ذوي القرائح السليمة، ومن قد تعلق ببعض الآداب السهلة.
ومن هذا الباب أيضاً ألا يكون الوزن قد اضطر إلى إدخال معنى ليس الغرض في الشعر محتاجاً إليه، حتى أنه إذا حذف لم تنقص الدلالة لحذفه، أو إسقاط معنى لا يتم الغرض المقصود إلا به، حتى أن فقده قد آثر في الشعر تأثيراً بان موقعه.
ولمآت في هذا الباب بأمثلة، لأن كل شعر سليم مما ذكرت فهو مثال لذلك، فأما الأشعار التي لم تسلم منه، فأنا أذكرها في باب عيوب الشعر إن شاء الله تعالى.
[نعت ائتلاف المعنى والوزن:]
أن تكون المعاني تامة مستوفاة، لم يضطر الوزن إلى نقصها عن الواجب، ولا إلى الزيادة فيها عليه، وأن تكون المعاني أيضاً مواجهة للغرض لم تمتنع من ذلك ولم تعدل عنه من اجل إقامة الوزن والطلب لصحته، والسبب في تركنا أن نأتي لهذا الجنس بأمثلة من الشعر هو السبب في تركنا ذلك في باب ائتلاف اللفظ مع الوزن، ونحن نذكر ما يجب ذكره من أمثلة عيوب هذا الباب في جملة ما سنذكره من عيوب الشعر.
[نعت ائتلاف القافية مع ما يدل عليه سائر البيت:]
أن تكون القافية معلقة بما تقدم من معنى البيت تعلق نظم له وملائمة لما مر فيه.