والفتك والتشمير والجلد والتيقظ والصبر، مع التخرق والسماحة، وقلة الاكتراث للخطوب الملمة، كما قال تأبط شراً يمدح شمس ابن مالك:
إني لمهدٍ من ثنائي فقاصدٌ ... به لابْنِ عمِّ الصِّدْقِ شمسْ بن مالك
أهزُّ بهِ في ندوَة الحيَّ عِطْفَهِ ... كما هَزَّ عِطْفِي بالهجانِ الأواركِ
لطيفُ الحوايَا يقسمُ الزادَ بينه ... سواءً وبين الذئب قسمَ المشاركِ
يظلُّ بموماةٍ ويمْسِى بغيرها ... جَحِيشاً ويعروْرِي ظهورَ المهالكِ
كأنَّ بهِ في البُرْدِ أثناءَ حَيَّةٍ ... بعيدُ الخُطَى شتى النَّوَى والمسالِكِ
وَيسسْقُ وفد الريحِ من حيثُ تنتحِي ... بمنخرقٍ من شدهِ المتداركِ
إذا خاطَ عينيهِ كرَى النوم لم يَزَل ... لهُ كالئ من قلبِ شيخانَ فاتكِ
وإن طلعتْ أولَى العدىِّ فنفرهُ ... إلى سلةٍ من صارِم الغربِ باتكِ
إذا هزهُ في عظم قرنِ تهللتْ ... نواجذُ أفواهِ المنايَا الضواحكِ
قليلُ التشكِّي للمهمِّ يصيبهُ ... رحيبُ مناخِ العِيس سهلُ المباركِ
وقال أبو كبير الهذلي:
ولقدْ سريتُ على الظلامِ بمغشمٍ ... جلدٍ من الفتيانِ غيرِ مثقلِ
ممنْ حملن به وهنَّ عواقدٌ ... حبكَ النطاقِ فشبَّ غيرَ مهبلِ
حملتْ بهِ في ليلةٍ مزؤودةٍ ... كرهاً وعقدُ نطاقهَا لمْ يحللِ
فأتتْ به حوشَ الفؤادِ مبطّناً ... سهداً إذا ما نامَ ليلُ الهوجلِ
ومبرأً من كلِّ غبرِ حيضةٍ ... وفسادِ مرضعةٍ وداءٍ مغيلِ
ما إنْ يمسُّ الأرضَ إلا منكبّ ... منهُ وحرفُ الساق طي المِحْمل
فإذَا طرحتَ له الحصاةَ رأيتهُ ... ينزُو لوقعتهَا نزوَّ الأخيلِ
وإذا يهبُّ من المنامِ رأيتهُ ... كرتوب كعبِ الساقِ ليسَ بزملِ
وإذا رميتَ بهِ الفجاجَ رأيتهُ ... ينضُو مخارمهَا هوىَّ الأجدلِ
وإذا نظرتَ إلى أسرةِ وجههِ ... برقتْ كبرقِ العارضِ المتهللِ
يحمِى الصحابَ إذا تكونُ كريهةٌ ... وإذا همُ أزموا فمأوَى العيلِ
ثم نعقب الكلام في المديح بالكلام في الهجاء.
[نعت الهجاء]
إنه قد سهل السبيل إلى معرفة وجه الهجاء وطريقته،