يودُّ بأن يُمْسِي سقيماً لعلَّها ... إذا سمعتْ عنه بشكوَى تراسلهُ
ويهتزُّ للمعروفِ في طلبِ العلَى ... لتحمدَ يوماً عند ليلَى شمائلهُ
فهو من أحسن القول في الغزل، وذلك أن هذا الشاعر قد أبان في البيت الأول عن أعظم وجد وجده محب، حيث جعل السقم أيسر مما يجد من الشوق، فإنه اختاره ليكون سبيلاً إلى أن يشفى بالمراسلة من الوجد، فهو أيسر ما يتعلق به الوامق، وأدنى فوائد العاشق، وأبان في البيت الثاني عن إعظام منه شديد لهذه المرأة، حيث لم يرض نفسه لها عن سجيته الأولى، حتى احتاج إلى أن يتكلف سجايا مكتسبة يتزين بها عندها، وهذه غاية المحبة، ووصف الشاعر لذلك هو الذي يستجاد لا اعتقاده، إذ كان الشعر إنما هو قول، فإذا أجاد فيه القائل لم يطالب بالاعتقاد، لأنه قد يجوز أن يكون المحبون معتقدين لأضعاف ما في نفس هذا الشاعر من الوجد، فحيث لم يذكروه، وإنما اعتقدوه فقط، لم يدخلوا في باب من يوصف بالشعر.
ومن النسيب قول طريح بن إسماعيل الثقفي:
بان الخليطُ وفرقَ الشملُ ... وعلى التفرقِ ما بدَا الوصلُ
أبكاكَ منهم ما فرحتَ به ... ولكلِّ مولدِ فرحةٍ ثكلُ