وكملت: أي تمت انتهت وجاءت كاملة من غير نقص، وفي كملت ثلاث لغات فتح الميم وضمها وكسرها وهو أقلها، ووجه كما لها بحرز الأماني أن ناظمها هو المتقدم، والفضل للمتقدم: وأنه الفاتح لهذا الباب والآخذ من كل فضل بأسباب ومقترح ذلك المصطلح، وما وصل صاحب هذه الأرجوزة إلى ما وصل إلا ببركة ذلك الكتاب، وحفظه له حالة الصغر منذ كان في الكتاب، ولولاه لم يصل إلى هذه الرتبة ولم يكن له من هذا العلم نصيب ولا حبة، فالله تعالى يتغمده بالرحمة والغفران ويبوئه في الدار الآخرة أعلى الجنان.
وحرز الأماني هي الشاطبية نظم الإمام ولى الله أبي القاسم بن فيرة ابن خلف الرّعينى الشاطبي شيخ الإقراء بالديار المصرية رحمه الله تعالى وجزاه عنا خيرا، توفى في ثامن عشر جمادى الأخرى سنة خمسمائة وتسعين بقاهرة مصر.
حوت لما فيه مع التّيسير ... وضعف ضعفه سوى التّحرير
أي جمعت هذه الأرجوزة لما في حرز الأماني ولما في كتاب التيسير من القراءات والطرق والروايات ومثله ومثل مثله، وبيان ذلك تقدم عند قوله: وهذه الرواة عنهم طرق، ويجوز في ضعف النصب عطفا على موضع لما فيه والخفض عطفا على ما والتيسير أيضا، وضعف الشيء: مثله، وضعف ضعفه: مثل مثله، وضعفاه: مثلاه، ولو قيل
وضعف ضعيفه لجاز وصح ولعله أولى، قوله سوى التحرير: أي غير ما فيها من الإتقان والتحقيق والتقويم، ومن نظر في ذلك بعين الإنصاف علم ذلك بحقه.
ضمّنتها كتاب نشر العشر ... فهي به (طيّبة) في النّشر
يعني كتاب نشر العشرة وهو كتاب القراءات الذي ألفه الناظم يرجو به رضى الله عنه جزيل ثوابه، ولا حاجة إلى زيادة في وصفه وإطنابه، فإن من وقف عليه علم مقداره حتى قال بعض العلماء من المصنفين: لا تصح رواية القراءة لأحد بعد تأليفه حتى يطلع عليه، وسميت هذه الأرجوزة طيبة؛ وفي تسميتها بذلك تورية حسنة تامة تخدم في معان من طيب الرائحة ومن الحياة ومن البسط ومن الإذاعة ومن كتاب النشر.