أي وبعد علمك بالتجويد يجب أن تعرف الوقف والابتداء لما نقل عن عليّ رضي الله عنه وقد سئل عن قوله تعالى ورتل القرآن ترتيلا فقال: الترتيل هنا تجويد الحروف ومعرفة الوقوف، فيلزم المقرئ أيضا أن يعرف الوقف والابتداء؛ ولهما حالتان: إحداهما ما يوقف عليه ويبتدأ به، وثانيهما كيف يوقف وكيف يبتدأ؟ وهذا يتعلق بالقراءة كما سيأتي في بابي الوقف على أواخر الكلام وعلى مرسوم الخط، والكلام هنا على ما يوقف عليه ويبتدأ به، وللناس في ذلك كتب ومصطلحات، وأقربها ما قرره الناظم على مقتضى اصطلاح الحافظ أبي عمرو الداني ومن تبعه كما سيأتي في البيت الآتي بعده.
فاللّفظ إن تمّ ولا تعلّقا ... تامّ وكاف إن بمعنى علّقا
يعني أن الكلام إما أن يتم أولا؛ فإن تم، فلا يخلو إما أن لا يكون له تعلق بما بعده لا لفظا ولا معنى أو يكون له تعلق، والأمل الوقف المصطلح عليه بالتام فيوقف عليه ويبتدأ بما بعده، وإن كان له تعلق، فلا يخلو إما أن يكون تعلقه من جهة المعنى أو من جهة اللفظ؛ فالأول الوقف المصطلح عليه بالكافي، وهو كالتام في جواز الوقف عليه والابتداء بما بعده، وإن كان متعلقا من جهة اللفظ فهو الوقف المصطلح عليه بالحسن، فيجوز الوقف عليه لتمامه ولا يجوز الابتداء بما بعده لتعلقه بما قبله لفظا ومعنى، إلا أن يكون رأس آية فإنه يجوز في اختيار الأكثر لمجيئه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سنذكره. وبقي القسم الثاني من التقسيم الأول وهو أن لا يتم الكلام عليه فهو الوقف القبيح في مصطلحهم لا يجوز الوقف عليه ولا الابتداء بما بعده قوله:(تام) خففه ضرورة وذلك جائز في الشعر، وهذا القسم من الوقوف وهو التام أكثر ما يجيء في رءوس الآي وانقضاء القصص كالوقف على بسم الله الرحمن الرحيم والابتداء من الحمد لله رب العالمين والوقف على مالك يوم الدين والابتداء بإياك نعبد ونحو وأولئك هم المفلحون والابتداء ب «إن الذين كفروا» وقد يكون قبل انقضاء الآية نحو وجعلوا أعزة أهلها أذلة فإنه آخر حكاية كلام بلقيس، ثم قال تعالى وكذلك يفعلون وقد يكون وسط الآية نحو: لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وهو حكاية تمام قول الظالم، ثم قال تعالى وكان الشيطان للإنسان خذولا وقد يكون بعد انقضاء الآية بكلمة نحو لم نجعل لهم من دونها سترا هذا آخر الآية