الراية، وقيل غير ذلك؛ ولما لم يمكن بعد ذكر الكلام في الاستعاذة والبسملة إلا بيان ما اختلف فيه من الحروف بدأ بسورة الحمد، ثم ذكر ما لا يتكرّر في غيرها، ثم أتبعه بما تكرّر فيها وفي غيرها.
مالك (ن) ل (ظ) لّا (روى) السّراط مع ... سراط (ز) ن خلفا (غ) لا كيف وقع
يعني قوله تعالى: مالك يوم الدين (١)، وهذا أول المواضع التي استغنى فيها باللفظ عن القيد لوضوحه، لأن الوزن لا يقوم بالقراءة الأخرى كما قدمنا بيانه، فلذلك لم يحتج أن يقول بالمد ولا بمد ولا نحو ذلك: أي قرأ مالك من قوله تعالى: مالك يوم الدين بالألف كما لفظ به عاصم ويعقوب والكسائي وخلف، والباقون ملك بغير ألف وكلاهما صفة من صفات الله، وللناس في ترجيح إحداهما على الأخرى كلام كثير. وفي ذلك نظر فان كلا منهما ثبت متواترا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ به
جماعة من الصحابة والتابعين، وأنا أحب القراءة بكل منهما في كل ركعة، وأقدم المد في الأولى لزيادته نظرا إلى تطويل الأولى على الثانية، قوله:(السراط الخ البيت) يعني قرأ الصراط وصراط كيف وقع في القرآن بالسين كما لفظ به قنبل بخلاف عنه، ورويس بلا خلاف، والباقون بالصاد لقوله: والصاد كالزاي: أي وخلف يشم الصاد مجاورة الطاء، ووجه إشمام الصاد أنه مزج بها حرفا يجانس الطاء في الجهر، وقرئ أيضا بالزاي الخالصة والكل لغات العرب قوله:(نل ظلا) أي أصب ظلا، نقل هذه القراءة المشهورة يريد الحض عليها والحث على الأخذ بها، وقوله زن من الزينة، وقوله غلا: أي ارتفع وعلا، يشير إلى أن الخلف مرتفع عزيز عن قنبل، وذلك أن أكثر المؤلفين لم يذكروا عنه سوى السين، والناظم زاد الصاد عنه قوله:(كيف وقع) يعني منكرا أو معرّفا، منونا أو غير منوّن باللام أو بغيرها كما وقع في هذه السورة
(١) أي بصير الوجه الثاني للقراءة: «ملك». وهكذا دواليك في كل كلمة تذكر في التعليق تكون إيضاحا للاختلاف في قراءتها وقد يذكرها المؤلف رحمه الله في المتن دون التعرض لها في الشرح فتننّه والله الموفق لكل خير.