للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنهم يصلون جميعًا. وروى مالك: في الموطأ، عن بعض الصحابة، أنه قال: ما أعرف شيئًا مما أدركت عليه الناس، إلا النداء بالصلاة. قال الزهري: دخلت على أنس، بدمشق، وهو يبكي. . . فقال: ما أعرف شيئًا مما أدركت، إلا هذه الصلاة؛ وهذه الصلاة، قد: ضُيِّعت. قال الطرطوشي - رحمه الله - فانظروا رحمكم الله: إذا كان في ذلك الزمن، طمس الحق، وظهر الباطل، حتى ما يعرف من الأمر القديم إلا القبلة؛ فما ظنك بزمانك هذا؟! والله المستعان.

وليعلم الواقف: على هذا الكلام من أهل العلم - أعزهم الله - أن الكلام في مسألتين؛ الأولى: أن الله سبحانه بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم لإخلاصه الدين لله، لا يُجعل معه أحد، في العبادة، والتأله، لا ملك، ولا نبي، ولا قبر، ولا حجر، ولا شجر، ولا غير ذلك؛ وأن من عظّم الصالحين بالشرك بالله، فهو: يشبه النصارى؛ وعيسى -عليه السلام-: بريء منهم.

والثانية: وجوب اتباع سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك البدع، وإن اشتهرت بين أكثر العوام، وليعلم: أن العوام محتاجون إلى كلام أهل العلم، من تحقيق هذه المسائل، ونقل كلام العلماء؛ فرحم الله من نصر الله، ورسوله، ودينه، ولم تأخذه في الله لومة لائم؛ والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم» (١) .

وقد أجمل الإمام ذلك كله بقوله: «والحاصل: أن كل ما ذكر عنا من الأشياء غير دعوة إلى التوحيد، والنهي عن الشرك، فكله من البهتان» (٢) .

وهذا بيان وافٍ وردّ كافٍ على المفتريات والشبهات التي أُثيرت على الدعوة وإمامها.

وقال في خطاب عام أرسله إلى عامة المسلمين كذلك: «من محمد بن عبد الوهاب، إلى من يصل إليه من المسلمين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أخبركم أني - ولله الحمد - عقيدتي، وديني الذي أدين الله به، مذهب أهل السنة والجماعة، الذي عليه أئمة المسلمين؛ مثل الأئمة الأربعة، وأتباعهم، إلى يوم القيامة.


(١) الدرر السنية (٢ - ٥٤) .
(٢) الدرر السنية (١) .

<<  <   >  >>