فمنها: إشاعة البهتان بما يستحي العاقل أن يحكيه فضلاً عن أن يفتريه. ومنها: ما ذكرتم أني أكفر جميع الناس إلا من اتبعني، وأني أزعم أن أنكحتهم غير صحيحة فيا عجبًا كيف يدخل هذا في عقل عاقل؟! وهل يقول هذا مسلم، إني أبرأ إلى الله من هذا القول، الذي ما يصدر إلا عن مختل العقل، فاقد الإدراك فقاتل الله أهل الأغراض الباطلة. وكذلك قولهم: إني أقول: لو أقدر على هدم قبة النبي صلى الله عليه وسلم لهدمتها.
وأما دلائل الخيرات، وما قيل عني: أني حرقتها، فله سبب، وذلك أني أشرت على مَنْ قَبِلَ نصيحتي من إخواني أن لا يصير في قلبه أجلّ من كتاب الله؛ ولا يظن أن القراءة فيه أفضل من قراءة القرآن، وأما: إحراقها والنهي عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي لفظ كان، فنسبة هذا إليّ من الزور والبهتان.
والحاصل: أن ما ذُكر عني من الأسباب، غير دعوة الناس إلى التوحيد، والنهي عن الشرك، فكله من البهتان؛ وهذا لو خفي على غيركم، فلا يخفى على حضرتكم، ولو أن رجلا من أهل بلدكم ولو كان أحب الخلق إلى الناس قام يُلزم الناس الإخلاص، ويمنعهم من دعوة أهل القبور، وله أعداء وحُسَّاد أشد منه رياسة وأكثر اتباعًا وقاموا يرمونه بمثل هذه الأكاذيب، ويوهمون الناس أن هذا تنقص بالصالحين وأن دعوتهم من إجلالهم واحترامهم لعلمتم كيف يجري عليه» (١) .
وقال في رسالة بعثها إلى أهل المغرب، بعد أن تحدث عن وقوع الافتراق في الأمة: «إذا عُرف هذا، فمعلوم: ما قد عمت به البلوى، من حوادث الأمور، التي أعظمها الإشراك بالله، والتوجه إلى الموتى وسؤالهم النصر على الأعداء، وقضاء الحاجات وتفريج الكربات التي لا يقدر عليها إلاّ ربّ الأرض والسماوات؛ وكذلك التقرب إليهم بالنذور، وذبح القربان، والاستغاثة بهم في كشف الشدائد، وجلب الفوائد إلى غير ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله.