للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن لم يمكنهم البقاء اكتفوا بما يصل إلى أيديهم من الغنيمة، وهنا يجيء الخلاف بينهم وبين معارضيهم، فإن غيرهم يقول: إن من قال: " لا إله إلا الله محمد رسول الله " فقد عصم ماله ودمه (١) أما هم فيقولون: إن القول لا عبرة به ما لم يدعمه العمل، فمن قال: " لا إله إلا الله محمد رسول الله " وهو لا يزال يدعو الموتى، ويستغيث بهم، ويسألهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، فهو كافر مشرك، حلال الدم والمال، ولا عبرة بقوله، ولهم على هذا أدلة كثيرة من الكتاب والسنة، ليس هنا موضع تفصيلها.

والجهاد - أو إعلان الحرب - من حقوق الإمام، ينظر إلى المصلحة أو دفع المضرة، فإن رأى المصلحة تعين عليه إعلان الجهاد، ووجب على سائر رعيته متابعته والدخول في سلك الجندية، وعلى هذا كانت الغزوات القديمة والحديثة معتبرة من الجهاد الشرعي.

سادسا: " الاجتهاد ": للشيخ محمد بن عبد الوهاب بعض رسائل في الدعوة إلى الاجتهاد، والرد على أهل التقليد والمعاندين، استند في أكثرها إلى ما كتبه ابن القيم في أعلام الموقعين، ولكن الشيخ محمد وإن كان له بعض مسائل اجتهادية - مثل جعل دية المسلم ٨٠٠ ريال بدل مائة ناقة - فإنه في الحقيقة يخطو خطوات الإمام أحمد، ويعتمد على كتب الفروع المؤلفة على طريقته، ومما لا شك فيه أن علماء نجد في بدء النهضة الإصلاحية كانوا أكثر إحاطة بالسنة، وعلما بالشريعة، وأوسع مدارك، وأبعد نظرا في فهمهم للأحكام " (٢) .

* ويقول أحمد عبد الغفور عطار في الدعوة وإمامها ودولتها: " فالشيخ الإمام مصلح ديني واجتماعي وزعيم سياسي، والمصلح الديني في الإسلام ليس الذي يكون في عزلة عن المجتمع أو السياسة أو الحكم أو الدولة، بل يتناول الإصلاح كل أسباب الحياة ومقوماتها، فالمصلح الديني يصلح حياة الأمة ظاهرها وباطنها، وإصلاح الباطن هو إصلاح المعتقد.


(١) هذا نص، وتفسره وتقيده نصوص ثابتة أخرى، لكنهم جعلوا ذلك مطلقا، وهذا خلاف ما جاءت به النصوص الشرعية الأخرى، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته هو المفسر والمبين لما أطلق، كما سيأتي بيانه.
(٢) جزيرة العرب في القرن العشرين ص (٣٠٨ - ٣١١) .

<<  <   >  >>