للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان الإمام محمد بن عبد الوهاب مصلحا دينيا على هذا المعنى، وكان بصيرا نافذ البصر في شئون الحكم؛ لأنه وقف على نظم الحكم في الإسلام وغير الإسلام، وعرف الحكم الإسلامي الصحيح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنشأه وأرسخ قواعده، وتمسك به من بعده خلفاؤه الراشدون الأربعة، ومن بعدهم عمر بن عبد العزيز، وعرف حكم غير هؤلاء من الخلفاء والملوك معرفة ثاقبة.

وأوقفته دراسة القرآن والسنة على أنظمة حكومات مختلفة سبقت الإسلام من جاهلية وغيرها، واختار من كل ذلك أصح حكم إسلامي، ألا وهو حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، وطبقه بقدر ما اتسع له عصره وقدرة الدولة التي بناها.

وكان الوفاق بين الشيخ ومحمد بن سعود تاما، ووجهة نظرهما واحدة، وكان الشيخ يعين الحاكم بعلمه وآرائه، ويريه نهج الإسلام في السياسة وشئون الدولة، والحاكم نفسه ما كان يعمل عملا في الدولة إلا برأي الشيخ الذي كان يعلن الجهاد، ويبعث الرسل والكتب إلى الأمراء والحكام والعلماء والقضاة في البلدان الخارجة عن حكمه ".

إلى أن قال: " وابن عبد الوهاب بنى حكومته وأسسها وشيدها على قواعد الإسلام الثلاث، فدعا إلى الإيمان بالله إيمانا حقا يقضي بصرف العبادات كلها لله وحده، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورسالة رسل الله صلى الله عليهم وسلم هي الدعوة إلى الاعتصام بهذه القواعد، وبناء المجتمع وكل نظمه وقوانينه وتصرفاته عليها، وإذا تعرض الإيمان للفساد أو الخطر وجب على المسلم العالم الصالح أن ينهض للإصلاح ورد الخطر عن العقيدة.

وهذا ما صنع الإمام الشيخ، فهو قد رأى مجتمعه فاسد العقيدة، فقام بالإصلاح، ثم رأى العقيدة الصحيحة السليمة الصالحة في خطر من المبتدعين والضالين والمضلين، فنهض للدفاع عنها بأسلوب الإسلام نفسه بالحكمة والموعظة الحسنة، ولكنهما تعرضتا مع العقيدة لحرب شنها عليها الحكام المبتدعون، والعلماء الضالون، والعامة المضللون، فاضطر الإمام لاتخاذ سلاح من حاربوه للدفاع عن العقيدة وأصحابها.

<<  <   >  >>