من القباب والمشاهد والمزارات والمغارات وقطع الأشجار التي يتبرك بها العامة، وبعث السعاة لمحو آثار البدع الجاهلية من الأوتار والتعاليق والشركيات.
وألزم بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت، وسائر الواجبات، وحث من لديه من القضاة والمفتين على تجريد المتابعة لما صح وثبت عن سيد المرسلين، مع الاقتداء في ذلك بأئمة الدين والسلف الصالح المهديين، وينهاهم عن ابتداع قول لم يسبقهم إليه إمام يقتدى به، أو علم يهتدى به.
وأنكر ما كان عليه الناس في تلك البلاد وغيرها من تعظيم الموالد والأعياد الجاهلية التي لم ينزل في تعظيمها سلطان، ولم يرد به حجة شرعية ولا برهان؛ لأن ذلك فيه من مشابهة النصارى الضالين في أعيادهم الزمانية والمكانية، ما هو باطل مردود في شرع سيد المرسلين.
وكذلك أنكر ما أحدثه جهلة المتصوفة وضلال المبتدعة من التدين والتعبد، والمكاء والتصدية والأغاني التي صدهم بها الشيطان عن سماع آيات القرآن، وصاروا بها من أشباه عباد الأوثان الذين قال الله فيهم:{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}[الأنفال: ٣٥][سورة الأنفال، آية: ٣٥] ، وكل من عرف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم تبين له أن هؤلاء من أضل الفرق، وأخبثهم نحلة وطريقة، والغالب على كثير منهم النفاق وكراهة سماع كلام الله ورسوله.
وأنكر - رحمه الله - ما أحدثته العوام والطغام من اعتقاد البركة والصلاح في أناس من الفجار والطواغيت، الذين يترشحون لتأله العباد بهم، وصرف قلوبهم إليهم باسم الولاية والصلاح، وأن لهم كرامات ومقامات ونحو هذا من الجهالات، فإن هؤلاء من أضر الناس على أديان العامة، وأنكر - رحمه الله - ما يعتقده العامة في البله والمجاذيب وأشباههم، الذين أحسن أحوال أحدهم أن يرفع عنه القلم، ويلحق بالمجانين.
وأرشد - رحمه الله - إلى ما دل عليه الكتاب وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وساق الأدلة الشرعية التي يتميز بها كل فريق، ويعتمدها أهل الإيمان والتحقيق، فإن الله جل ذكره وصف الأبرار ونعتهم بما يمتازون به، ويعرفون بحيث لا يخفى حالهم، ولا يلتبس أمرهم، وكذلك وصف تعالى أولياء الشيطان