السيد أحمد بن عرفان البرلوي (١٧٨٦ - ١٨٣١م) الذي وفد إلى الحج في أوائل القرن التاسع عشر واعتنق خلاله الأفكار الوهابية. ولما عاد إلى بلاده أصبح من أكبر دعاة هذه الأفكار، وقام بنشرها في البنجاب، وأنشأ دولة وهابية فيها، وامتد سلطانه حتى هدد شمال الهند حيث تقطن طائفة السيخ.
كان السيد أحمد البرلوي ذا حمية شديدة في الدين، فعمل على تطهير الإسلام من أدران الشرك التي شوهته تشويهًا صارخًا، مثل عبادة الأولياء وما يتصل بها من التقاليد الخرافية الوثنية، ونادى بإعادة الحياة الإسلامية إلى بساطتها الأولى كما كانت أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته. ثم قام بحملة دينية واسعة النطاق بين الهنود لترغيبهم في اعتناق الإسلام. توفي سنة ١٨٣١ خلال حملته على طائفة السيخ في شمال الهند، لكن أفكاره الدينية ظلت قوية الأثر بين المسلمين الهنود، وتابع تلاميذه حركته الإصلاحية، فأنتجوا أدبًا دينيًا ضخمًا، كتبوه باللغة الأوردية ليضمنوا نشر تعاليمهم بين الشعب، كما آثر أتباعه الاشتغال بالنشاط التجاري وعدم الالتحاق بالوظائف الحكومية تحت حكم الإنجليز.
أثر الدعوة في بلاد الشام والعراق: كان للدعوة الوهابية أنصار كثيرون بين علماء بلاد الشام في بداية هذا القرن، ومن أشهرهم الشيخ جمال الدين القاسمي الذي قاضته الحكومة التركية بتهمة العمل على نشر مبادئ الدعوة الوهابية وإذاعتها بين الناس. وهناك أيضًا المشايخ: عبد الرزاق البيطار، وطاهر الجزائري، ومحمد كامل القصاب، وحسين الجسر، وعبد القادر المغربي، والأمير شكيب أرسلان الذين درسوا تعاليم الدعوة الوهابية وقدروها تقديرًا كبيرًا، إذ وجدوا فيها صورة عن تعاليم الإسلام الحقيقية، فعملوا على نشر مبادئها في سوريا.
وفي العراق عرف عن الألوسيين: أبو الثناء شهاب الدين محمود الألوسي (١٨٠٢ - ١٨٥٣) ، ومحمود شكري الألوسي (١٨٥٦ - ١٩٢٤) تأثرهما الشديد بمبادئ الدعوة الوهابية وأفكارها. ويبدو ذلك واضحًا في كتاب الأول:«روح المعاني» الذي دعا فيه إلى اتباع أهل السلف في مسائل العقيدة وتنقية الإسلام مما علق به من الشوائب، وإنكار التوسل لغير الله أو التشفع بأهل القبور.