للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن قرأ "مسوَّمين" بالفتح (١) أراد أنه فُعِل ذلك بهم. والسُّومَةُ: العلامة التي تعلم الفارس نفسه.

وقال أبو زيد: (٢) يقال سوم الرجل خيله: إذا أرسلها في الغارة. وسوَّمُوا خيلهم: إذا شنوا الغارة. وقد يمكن أن يكون النَّصْبُ من هذا أيضا.

١٢٧- {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} بأسْر وقتل.

{أَوْ يَكْبِتَهُمْ} قال أبو عبيدة: الكَبْت: الإهلاك (٣) . وقال غيره: هو أن يغيظهم ويحزنهم. وكذلك قال في قوله في سورة المجادلة: {كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (٤) ويقال: كبت الله عدوّك.

وهو بما قال أبو عبيدة أشبه. واعتبارُها قوله: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ} (٥) لأن أهل النظر يرون أن "التاء" فيه منقلبة عن "دال" (٦) . كأن الأصل فيه: يَكْبدُهُم أي يصيبهم في أكبادهم بالحزن والغيظ وشدة العداوة. ومنه يقال: فلان قد أحرق الحزن كبدَه. وأحرقت العداوة كبده. والعرب تقول للعدو: أسود الكبد. قال الأعْشَى:


(١) وهي قراءة ابن عامر، وحمزة، والكسائي، ونافع، كما في تفسير القرطبي ٤/١٩٦.
(٢) البحر المحيط ٣/٥١.
(٣) في مجاز القرآن ١٠٢ "تقول العرب: كبته الله لوجهه، أي صرعه الله".
(٤) سورة المجادلة ٥.
(٥) سورة الأحزاب ٢٥.
(٦) في اللسان ٢/٣٨١ "وقال الفراء: كبتوا: أذلوا وأخذوا بالعذاب بأن غلبوا كما نزل بمن كان قبلهم. قال الأزهري: وقال من احتج للفراء: أصل الكبت: الكبد، فقلبت الدال تاء، أخذ من الكبد، وهو معدن الغيظ والأحقاد. فكأن الغيظ لما بلغ بهم مبلغه، أصاب أكبادهم فأحرقها، ولهذا قيل للأعداء: هم سود الأكباد. وفي الحديث: أنه رأى طلحة حزينا مكبوتا، أي شديد الحزن. قيل الأصل: فيه مكبود بالدال، أي أصاب الحزن كبده، فقلب الدال تاء" وإني أرى أن الأزهري يقصد ابن قتيبة بقوله: "وقال بعض من احتج للفراء".

<<  <   >  >>