للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَدَ افْنَى أَنَامِلَهُ أَزْمُهُ ... فَأَضْحَى يَعَضُّ عَلَيَّ الوَظِيفَا (١)

يقول: قد أكل أصابعه حتى أفناها بالعض، فأضحى يعضُّ عليَّ وظِيفَ الذراع، وهكذا فسر هذا الحرفَ ابنُ مسعود (٢) واعتبارُه قولُه عز وجل في موضع آخر: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}

١٥- {وَاسْتَفْتَحُوا} أي: استنصَرُوا (٣) . {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}

١٦- {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} أي: أمامَه (٤) .

{وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} والصديد: القيْحُ والدمُ. أي: يُسقى الصديدَ مكان الماء. كأنه قال: يُجعلُ ماؤه صديدًا.

ويجوز أن يكون على التشبيه. أي يُسقَى ماءً كأنه صديدٌ.

١٧- {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} أي: من كل مكان من جسده. {وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} (٥) .


(١) البيت لصخر الغي، كما في ديوان الهذليين ٢/٧٣ والمعاني الكبير لابن قتيبة ٨٣٤ والأزم: العض الشديد.
(٢) الدر المنثور ٤/٧٢ وقد رواه الطبري في تفسيره ١٣/١٢٦ ثم قال ١٢٧ "وأشبه هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل هذه الآية: القول الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود، أنهم ردوا أيديهم في أفواههم فعضوا عليها غيظا على الرسل، كما وصف الله عز وجل به إخوانهم من المنافقين فقال: (وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ) فهذا هو الكلام المعروف والمعنى المفهوم من رد اليد إلى الفم".
(٣) قال الطبري ١٣/١٢٩ "واستفتحت الرسل على قومها، أي استنصرت الله عليها (وخاب كل جبار عنيد) يقول: هلك كل متكبر جائر حائد عن الإقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له. والعنيد، والعاند، والعنود، بمعنى واحد".
(٤) تأويل مشكل القرآن ١٤٥.
(٥) قال الطبري ١٣/١٣١ "ويأتيه الموت من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وشماله، ومن كل موضع من أعضاء جسده (وما هو بميت) لأنه لا تخرج نفسه فيموت فيستريح، ولا يحيا لتعلق نفسه بالحناجر فلا ترجع إلى مكانها".

<<  <   >  >>