للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يريد: مهمهًا واحدًا وسمتًا واحدًا.

(قال) وأنشدني آخرُ:

يَسْعَى بِكَبْدَاءَ وفَرَسَيْنِ ... قد جَعَلَ الأرْطَاةَ جَنَّتَيْنِ

(قال) : وذلك للقوافي؛ والقوافي تحتمل -من الزيادة والنقصان- ما لا يحتمله الكلام".

وهذا من أعجب ما حُمل عليه كتاب الله (١) . ونحن نعوذ بالله من أن نَتَعسَّفَ هذا التعسُّفَ ونُجِيزَ على الله -جل ثناؤه- الزيادة والنقص في الكلام لرأس آية.

وإنما يجوز في رءوس الآي: أن يزيد هاءً للسكت؛ كقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} (٢) ؛ وألفًا كقوله: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} (٣) أو يحذف همزةً من الحرف كقوله: {أَثَاثًا وَرِئْيًا} (٤) أو ياءً كقوله: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} (٥) لتستويَ رءوس الآي على مذاهب العرب في الكلام: إذا تمَّ فآذَنَتْ بانقطاعه وابتداء غيره. لأن هذا لا يُزيل معنًى عن جهته ولا يَزيد ولا يَنقُص. فأمَّا أن يكون الله عز وجل وَعَد جنتَيْن فيجعلَها جنة واحدة من أجل رءوس الآي -: فمعاذ الله!.

وكيف يكون هذا: وهو -تبارك اسمه- يصفُهما بصفات الاثنين، فقال: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} (٦) ؛ ثم قال: {فِيهِمَا} ، {فِيهِمَا} (٧) ؟!.


(١) أو من أعظم الغلط عليه كما قال أبو جعفر النحاس. ووصفه الفخر بالبطلان.
(٢) سورة القارعة ١٠.
(٣) سورة الأحزاب ١٠.
(٤) سورة مريم ٧٤.
(٥) سورة الفجر ٤.
(٦) في الآية ٤٨.
(٧) في الآيتين ٥٠/٥٢.

<<  <   >  >>