للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو أن قائلا قال في خَزَنة النار: إنهم عشرونَ، وإنما جعلهم تسعةَ عشرَ لرأس الآية - كما قال الشاعر:

نحنُ بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَرْبَعة (١)

وإنما هم خمسة فجعلهم للقافية أربعة -: ما كان في هذا القول إلا كالفراء.

٥٤- {بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} قال الفراء (٢) : "قد تكون البِطانةُ ظِهارةً، والظهارةُ بطانةً. وذلك: أن كل واحد منهما [قد] يكون وجهًا؛ تقول العرب: هذا ظهر السماء، وهذا بطن السماء -لـ[ظاهرها] الذي تراه. (قال) : وقال ابن الزُّبير- وذكر قَتَلةَ عثمانَ رضي الله عنه-: "فقتلهم الله كل قِتْلَةٍ، ونجا من نجا منهم تحت بطون السماء والكواكب يعني: هربوا ليلا".

وهذا أيضا من عَجَب التفسير. كيف (٣) تكون البِطانةُ ظِهارةً، والظِّهارةُ بِطانةً - والبِطانةُ: ما بَطَن من الثوب وكان من شأن الناس إخفاؤه؛ والظِّهارةُ: ما ظَهَر منه وكان من شأن الناس إبداؤه؟!.

وهل يجوز لأحد أن يقول لوجهِ مصلًّى: هذا بِطانته؛ ولما وَلِيَ الأرضَ منه: هذا ظِهارتُه؟!.

وإنَّما أراد الله جل وعز أن يعرفنا -من حيثُ نفهم- فضلَ هذه الفُرش


(١) ورد في تأويل المشكل ١٥٤ منسوبا للبيد. وعجزه - كما في ديوانه ص ٧:
*ونحن خير عامر بن صعصعة*
وانظر هامش المشكل.
(٢) اللسان ٦/١٩٤ و ١٦/٢٠١، والبحر ٨/١٩٧، وتفسير الشوكاني ٥/١٣٧ - ببعض اختصار. وكذلك ذكر في الطبري ٢٧/٨٧ عن بعض أهل العلم بالعربية. وروى القرطبي ١٧/١٧٩-١٨٠ هذا الرأي عن الحسن وقتادة والفراء؛ ثم ذكر بعض كلام الفراء غير مضاف إليه. وراجع الدر ٦/١٤٧.
(٣) هذا الرد قد ورد مختصرا في اللسان ٦/١٩٤ و ١٦/٢٠١-٢٠٢ غير منسوب إلى ابن قتيبة؛ وفي الشوكاني منسوبا له، وفي القرطبي منسوبا له مع غيره.

<<  <   >  >>