للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فَوَائِدُ الْتَّارِيخِ] (١)

فَكُلُّ هَذَا مُرْشِدٌ إِلَى الإِفْتِقَارِ لِلتَّارِيخِ، أَوْ هُوَ مِنْ فَوَائِدِهِ.

وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ، كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩].

وَعَنْ قَتَادَةَ: "جَعَلَهَا اللهُ مَوَاقِيتَ لِصَوْمِ الْمُسْلِمِينَ وَإِفْطَارِهِمْ، وَحَجِّهِمْ، وَعِدَدِ نِسَائِهِمْ" (٢).

وَأَمَّا مَا لَعَلَّهُ يُذْكَرُ فِيهِ مِنْ أَخْبَارِ الأَنْبِيَاءِ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَسُنَّتِهِمْ، فَهُوَ -مَعَ أَخْبَارِ الْعُلَمَاءِ وَمَذَاهِبِهِمْ، وَالْحُكَمَاءِ وَكَلَامِهِمْ، وَالزُّهَّادِ وَالنُّسَّاكِ وَمَوَاعِظِهِمْ- عَظِيمُ الْغَنَاءِ، ظَاهِرُ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا (٣) يُصْلِحُ الْإِنْسَانُ بهِ أَمْرَ مِعَادِهِ، وَدِينَهُ، وَسَرِيرَتَهُ فِي اعْتِقَادَاتِهِ، وَسِيرَتَهُ فِي أُمُورِ الدِّينِ، وَمَا يُصْلِحُ (٤) بِهِ أَمْرَ مُعَامَلَاتِهِ وَمَعَاشِهِ الدُّنْيَوِيِّ.

وَكَذَا مَا يُذْكَرُ فِيهِ مِنْ أَخْبَارِ الْمُلُوكِ وَسِيَاسَاتِهِمْ، وَأَسْبَابِ مَبَادِئِ الدُّوَلِ وَإِقْبَالِهَا، ثُمَّ سَبَبِ انْقِرَاضِهَا، وَتَدْبِيرِ أَصْحَابِ الْجُيُوشِ وَالْوُزَرَاءِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي يَتَكَرَّرُ مِثْلُهَا وَأَشْبَاهُهَا أَبَدًا فِي الْعَالَمِ، غَزِيرُ النَّفْعِ، كَثِيرُ الْفَائِدَةِ، بِحَيْثُ يَكُونُ مَنْ عَرَفَهُ كَمَنْ عَاشَ الدَّهْرَ كُلَّهُ، وَجَرَّبَ الْأُمُورَ بِأَسْرِهَا، وَبَاشَرَ تِلْكَ الْأَحْوَالَ بِنَفْسِهِ؛ فَيَغْزُرُ عَقْلُهُ، وَيَصِيرُ مُجَرِّبًا غَيْرَ غِرٍّ وَلَا غُمْرٍ، كَمَا سَيَأْتِي فِي نَظْمِ بَعْضِهِمْ.


(١) في هامش ب.
(٢) أخرجه الطبريُّ في "تفسيره" ٣/ ٢٨٠ - ٢٨١.
(٣) في ز: فما، وهو خطأ.
(٤) في ب: تصلح.

<<  <   >  >>