للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{إِطْلَاقُ لِسَانِ أَبِي شَامَةَ] (١)}

وَمِمَّنْ امْتُحِنَ بِسَبَبِ إِطْلَاقِ لِسَانِهِ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ وَلَا شُبْهَةٍ الإِمَامُ أَبُو شَامَةَ، أَحَدُ شُيُوخِ النَّوَوِيِّ رَحَمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ عَالِمًا رَاسِخًا فِي الْعِلْمِ، مُقْرِئًا، مُحَدِّثًا، نَحْوِيًّا، يَكْتُبُ الْخَطَّ الْمَلِيحَ الْمُتْقَنَ، مَعَ التَّوَاضُعِ وَالاِنْطِرَاحِ وَالتَّصَانِيفِ الْعِدَّةِ، كَانَ كَثِيرَ الوَقِيعَةِ فِي الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَأَكَابِرِ النَّاسِ، وَالطَّعْنِ عَلَيْهِمْ، وَالتَّنَقُّصِ لَهُمْ، وَذِكْرِ مَسَاوِئِهِمْ، وَكَوْنِهِ عِنْدَ نَفْسِهِ عَظِيمًا، فَصَارَ سَاقِطًا مِنْ أَعْيُنِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ عَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَتَكَلَّمُوا فِيهِ، وَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى امْتِحَانِهِ بِدُخُولِ رَجُلَيْنِ جَلِيلَيْنِ (٢) عَلَيْهِ دَارَهُ فِي صُورَةِ مُسْتَفْتِيَيْنِ، فَضَرَبَاهُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا إِلَى أَنْ عِيلَ صَبْرُهُ وَلَمْ يُغِثْهُ أَحَدٌ، بِحَيْثُ أَنْشَدَ أَبْيَاتًا (٣) يَسْتَغِيثُ فِيهَا بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَذُكِرَ فِي تَرْجَمَةِ الْحَافِظِ الشَّمْسِ أَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ سَنَدٍ (٤) أَنَّهُ تَغَيَّرَ ذِهْنُهُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَنَسِيَ غَالِبَ مَحْفُوظَاتِهِ، حَتَّى القُرْآنَ، وَأَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ عُقُوبَةً مِنَ اللهِ لَهُ؛ لِكِثْرَةِ وَقِيعَتِهِ فِي النَّاسِ.

عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ لِلْبُرْهَانِ الْحَلَبِيِّ (٥) مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَعَرَّضُ لِأَحَدٍ، بَلْ كَانَ


(١) في هامش ب.
(٢) في ب: خليلين، وفي الوافي بالوفيات كذا: " ... دخل عليه اثنان جبليَّان ... " والمثبت من باقي النسخ، ومن: فتح المغيث، ٤/ ٤٣٦، ومن: الإسنوي، طبقات. ولعل الصواب ما ذكره الصفدي. انظر: ١٨/ ٦٨.
(٣) انظر: الإسنوي، طبقات، ٢/ ١١٩.
(٤) محدث (ت ٧٩٢ هـ). انظر: ابن حجر، الدرر، ٤/ ٢٧٠.
(٥) هو: إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي، محدث (ت ٨٤١ هـ). انظر: السخاوي، الضوء، ١/ ١٣٨ - ١٤٥.

<<  <   >  >>