للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَرِعًا زَاهِدًا، وَلَكِنَّهُ تَرَاجَعَ قَبْلَ مَوْتِهِ.

وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: إِنَّمَا يَخْرَفُ الْكَذَّابُونَ! فَإِنَّهُ قَدْ يَخْرَفُ مَنْ لَمْ يُوصَفْ بِذَلِكَ.

وَبَلَغَنِي عَنِ الْجَمَالِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ المِصْرِيِّ (١) أَنَّهُ شَاهَدَ الجَمَالَ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الرَّيْمِيِّ (٢) اليَمَانِيَّ الْقَاضِيَ الشَّافِعِيَّ عِنْدَ مَوْتِهِ (٣) وَقَدِ انْدَلَعَ لِسَانُهُ وَاسْوَدَّ (٤) فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ اعْتِرَاضِهِ وَكَثْرَةِ وَقِيعَتِهِ فِي النَّوَوِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَعْلَى مِنْ هَذَا مَا حَكَاهُ ابْنُ النَّجَّارِ فِي "ذَيْلِ تَارِيخِهِ" (٥) عَنِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ (٦) أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيَّ يَقُولُ:

"كُنَّا فِي حَلْقَةِ النَّظَرِ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ، فَجَاءَ شَابٌّ خُرَاسَانِيٌّ حَنَفِيٌّ، فَطَالَبَ بِالدَّلِيلِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ (٧) فَأَوْرَدَهُ الْمُدَرِّسُ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- فَقَالَ الشَّابُّ: إِنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ. قَالَ الْقَاضِي: فَمَا اسْتَتَمَّ كَلَامَهُ حَتَّى سَقَطَتْ عَلَيْهِ


(١) (ت ٨٢٠ هـ). انظر: ابن حجر، إنباء الغمر، ٣/ ١٥٠؛ السخاوي، الضوء، ٧/ ١٨١.
(٢) في ق: الدعيمي، وهو تحريف.
(٣) (ت ٧٩٢ هـ). انظر: ابن حجر، الدرر، ٣/ ٤٨٦، إنباء ١/ ٤٠٧ - ٤٠٨.
(٤) تتمة الخبر: " ... ثم جاءت هرَّة فخطفته، فكان ذلك آية للناظرين". انظر: ابن حجر، إنباء، ١/ ٤٠٨.
(٥) لم أجده، فالظاهر في الجزء المفقود. وقد وردت هذه القصة مُسْنَدة عند الذهبي وقال: "إسنادها أئمة". انظر: سير، ٢/ ٦١٨ - ٦١٩.
(٦) هو: إبراهيم بن علي بن يوسف، فقيه شافعي (ت ٤٧٦ هـ). انظر: النووي، تهذيب الأسماء واللغات، ص ٦٦٣، الذهبي، سير، ١٨/ ٤٥٢ - ٤٦٤.
(٧) المُصَرَّاة: هي ترك حلب بهيمة الأنعام لفترة حتى يُظَنَّ أنها حلوب. وفيها أحاديث كثيرة في النهي عن هذا، منها ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (٣٨١٠) عن أبي هريرة مرفوعًا: "من ابتاع مُصَرَّاة فهو بالخيار ثلاثة أيام ... " الحديث.

<<  <   >  >>