للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قِصَّةُ سِيبَوَيْهِ مَعَ الكِسَائِيِّ] (١)

قَالَ (٢):

"وَقَدْ غُبِنَ النَّاسُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَمَاتُوا حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانُوا بِالعِلْمِ أَحْيَاءً تَصْنِيفًا وَتَحْدِيثًا (٣). فَسِيْبَوَيْهِ الَّذِي هُوَ إِمَامُ النَّحْوِ، وَأَخَذَهُ عَنِ الْعَرَبِ شِفَاهًا، وَالْفَائِقُ فِي تَعْبِيرِهِ عَنِ العُلُومِ الَّتِي حَقَّقَهَا وَاصْطَفَاهَا، قَدْ قَتَلَهُ الْغَبْنُ، وَخَصَمَهُ الْمُنَاظِرُ لَهُ الْكِسَائِيُّ لَمَّا أَحْضَرَهُ الْبَرَامِكَةُ مَعَهُ، وَسَأْلَهُ عَنْ مَسْأَلَةِ الزُّنْبُورِ (٤) وَأَجَابَ سِيبَوَيْهِ بِالصَّوَابِ فِيهَا وَمَا تَقْتَضِيهِ طَبِيعَةُ الْعَرَبِ وَأَلْسِنَتُهُمْ، وَالْكِسَائِيُّ يَأْبَاهُ مُغَالَبَةً بِسَيْفِ التَّجَوُّهِ وَالْمَنْزِلَةِ عِنْدَ الرَّشِيدِ، حَتَّى أَحْضَرُوا الْعَرَبَ لِتُصَوِّبَ (٥) أَحْدَهُمَا، فَوَافَقَتِ الكِسَائِيَّ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ قَوْلُ الكِسَائِيِّ؛ لِمَنْزِلِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِمْ فِيمَا قِيلَ أُرْشُوا عَلَى ذَلِكَ، مَعَ كَوْنِهِمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ النُّطْقَ بِهِ، وَسِيبَوَيْهِ يَقُولُ لِيَحْيَى بْنِ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيِّ: مُرْهُمْ أَنْ يَنْطِقُوا بِذَلِكَ؛ فَإِنَّ أَلْسِنَتَهُمْ لَا تَنْهَضُ بِهِ. فَمَا وَسِعَ سِيبَوَيْهِ إِلَّا أَنْ خَرَجَ مِنَ البَصْرَةِ قَهْرًا وَغَبْنًا [إِلَى فَارِسَ] (٦) وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَات.


(١) في هامش ب.
(٢) أي: ابن عَمّار.
(٣) في أ: حديثًا، والمثبت من باقي النسخ.
(٤) قال القفطيُّ: " .... قال الكسائي: كيف: قد كنت أظن أن العقرب أشدُّ لَسعة من الزنبور، فإذا هو هي، أو فإذا هو إياها؟ فقال سيبويه: فإذا هو هي؛ ولا يجوز النصب. فقال الكسائي: لحنت ... ". انظر: القفطي، إنباه، ٢/ ٣٥٨.
(٥) في باقي النسخ: لتصويب.
(٦) ساقط من أ، والمثبت من باقي النسخ، ومن: مصادر ترجمته. انظر: القفطي، إنباه، ٢/ ٣٥٨.

<<  <   >  >>