للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التَّارِيخُ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَفْضَلُ مِن فَرْضِ عَيْنٍ] (١)

وَلِهَذَا صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ (عُلَمَاءِ الْمَذَاهِبِ) (٢) أُولِي (٣) الْأَمَانَاتِ بِأَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ (الرَّاجِحُ ارْتِقَاؤُهُ عَلَى فَرْضِ العَيْنِ، لِلانْدِفَاعِ بِقِيَامِهِ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ التَّأْثِيمَاتُ، بَل رُبَّمَا انْحَصَرَ وَتَعَيَّنَ حَسْبَمَا يَعْلَمُهُ مَنِ اسْتَظْهَرَ وَتَبَيَّنَ. هَذَا مَعَ كَوْنِهِ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ عُلُومِهِ، وَعِقْدًا مِنْ مَعْلُومَاتِهِ وَرُسُومِهِ) (٤).

وَمَا أَحْسَنَ مَا بَلَغَنِي مِنَ الشِّعْرِ فِي مَدْحِهِ، وَأَبْيَنَ مَا أَعْجَبَنِي، مِمَّا يُرَغِّبُ فِي الاعْتِنَاءِ بِهِ وَعَدَمِ طَرْحِهِ، قَوْلُ الْقَاضِي الْأَرْجَانِيِّ (٥) الْبَدِيعُ الأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي:

إِذَا عَلِمَ الإِنْسَانُ أَخْبَارَ مَنْ مَضَى ... تَوَهَّمْتَهُ قَدْ عَاشَ مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ

وَتَحْسَبُهُ قَدْ عَاشَ آخِرَ عُمْرِهِ ... إِذَا كَانَ قَدْ أَبْقَى الجَمِيلَ مِنَ الذِّكْرِ

فَقَدْ عَاشَ كُلَّ الدَّهْرِ مَنْ كَانَ عَالِمًا ... حَلِيمًا كَرِيمًا فَاغْتَنِمْ أَطْوَلَ العُمْرِ (٦)

(وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَرَفِ هَذَا الْفَنِّ إِلَّا أَنَّ البُخَارِيَّ رحمه الله صَنَّفَ "تَارِيخَهُ" (٧) فِي الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ يَكْتُبُهُ فِي اللَّيَالِي الْمُقْمِرَةِ، وَسَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ "صحِيحِهِ" حَيْثُ حَوَّلَ تَرَاجِمَهُ بَيْنَ الْقَبْرِ النَّبَوِيِّ وَالْمِنْبَرِ


(١) في هامش ب.
(٢) ليست في: التبر المسبوك.
(٣) في التبر المسبوك: أهل.
(٤) ليست في: التبر المسبوك.
(٥) هو: ناصح الدين أحمد بن محمد بن الحسين، أديب شاعر (ت ٥٤٤ هـ). انظر: الإسنوي، طبقات الشافعية، ١/ ١١٠. والأبيات المذكورة وردت بألفاظ مختلفة. انظر: ديوانه، ٢/ ٦٧٢.
(٦) إلى هُنا ينتهى النقل من: التبر المسبوك.
(٧) أي: التاريخ الكبير.

<<  <   >  >>