للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِهِ "فَضَائِحُ الْبَاطِنِيَّةِ" (١):

"إِنَّهُ طَالَعَ الكُتُبَ المُصَنَّفَةَ فِي هَذَا الفَنِّ فَصَادَفَهَا مَشْحُونَةً بِفَنَّيْنِ مِنَ الْكَلَامِ: فَنٌّ فِي تَوَارِيخِ أَخْبَارِهِمْ وَحِكَايةِ أَحْوَالِهِمْ، مِنْ مَبْدَأِ أَمْرِهِمْ إِلَى ظُهُورِ ضَلَالَتِهِمْ، وَتَسْمِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ دُعَاتِهِمْ فِي كُلِّ قُطْرٍ مِنَ الْأَقْطَارِ، وَبَيَانِ وَقَائِعِهِمْ فِيمَا انْقَرَضَ مِنَ الأَعْصَارِ. فَهَذَا فَنٌّ أَرَى التَّشَاغُلَ بِهِ اشْتِغَالًا بِالْأَسْمَارِ، وَذَلِكَ أَلْيَقُ بِأَصْحَابِ التَّوَارِيخِ وَالأَخْبَارِ ... " إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ، وَذَكَرَ الْفَنَّ الثَّانِيَ (٢) وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ "لَا يَرَى التَّشَاغُلَ بِهِ، فَاقْتَضَى إِبَاحَةَ الْأَوَّلِ مَعَ قَبُولِهِ لِلنِّزَاعِ".

وَأَمَّا مَا اسْتُنْبِطَ لَهُ مِنَ الأَدِلَّةِ فَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي فَوَائِدِهِ وَمِمَّا سَيَأْتِي قَرِيبًا.

وَأَمَّا الذَّامُّونَ لَهُ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَمَّمَ.

فَالْمُخَصِّصُونَ اقْتَصَرُوا عَلَى مَنْ مَلَأَ مِنْهُمْ كُتُبَهُ بِمَا يُرْغَبُ عَنْ ذِكْرِهِ مِمَّا أَدْرَجْنَاهُ فِي التَّحْرِيمِ، وَمِنْهُمْ (٣) مَنْ يَدَّعِي الْمَعْرِفَةَ وَالرَّزَانَةَ، وَيَظُنُّ بِنَفْسِهِ التَّبَحُّرَ فِي الْعِلْمِ وَالْأَمَانَةِ (٤) يُعَمِّمُ فَيَحْتَقِرُ (٥) التَّوَارِيخَ وَيَزْدَرِيهَا، وَيُعْرِضُ عَنْهَا وَيُلْغِيهَا؛ لِظَّنِّهِ أَنَّ غَايَةَ فَائِدَتِهَا إِنَّمَا هُوَ القَصَصُ وَالْأَخْبَارُ، وَنِهَايَةُ مَعْرِفَتِهَا الْأَحَادِيثُ وَالْأَسْمَارُ!

وَنَحْوُه (٦) مَنْ نَسَبَ بَعْضَهُمْ إِلَى الْقُصُورِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْجَرْحِ وَضِدِّهِ، مَعَ كَوْنِهِ أَعْظَمَ فَوَائِدِهِ، وَلَا عَلَى أَخْبَارِ الْأَئِمَّةِ وَالزُّهَّادِ وَالعُلَمَاءِ الَّذِينَ بِذِكْرِهِمْ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ، وَلَا عَلَى شَرْحِ مَذَاهِبِ النَّاسِ مَعَ عُمُومِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى


(١) انظر: الغزالي، فضائح الباطنية، ص ١٨ - ١٩.
(٢) في أ: الثالث، وهو تحريف، والتصويب من باقي النسخ، ومن: فضائح الباطنية.
(٣) في أ: وفيهم، والمثبت من باقي النسخ.
(٤) وعند ابن الأثير: والرواية. انظر: الكامل ١/ ٩.
(٥) في باقي النسخ: فيحقر.
(٦) في أ: وفيهم. والمثبت من باقي النسخ.

<<  <   >  >>