للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِمُبَالَغَتِهِمْ فِي الْقَصْدِ الَّذِي صَنَّفُوهُ، جَمَاعَةٌ:

كَـ: الْحَاكِمِ، فَإِنَّهُ تَسَاهَلَ فِي"مُسْتَدْرَكِهِ" (الَّذِي شَرَطَ فِيهِ الْمَشْيَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، حَتَّى أَدْرَجَ فِيهِ الْمَوْضُوعَ فَضْلًا) (١) عَنْ الضَّعِيفِ (٢).

وَكَـ: ابْنِ الْجَوْزِيِّ، فَإِنَّهُ تَوَسَّعَ فِي "مَوْضُوعَاتِهِ" حَتَّى أَدْرَجَ فِيهَا الصَّحِيحَ، فَضْلًا عَنِ الضَّعِيفِ (٣).

فَهُمَا طَرَفَا نَقِيضٍ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى وَإِيَّانَا وَنَفَعَنَا بِبَرَكَاتِهِمْ (٤).

وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُؤَرِّخُونَ كَغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْمُصَنِّفِينَ، فِي كَلَامِهِمُ الْخَمِيرُ وَالْعَفِينُ، وَالسَّعِيدُ مَنْ عُدَّتْ غَلَطَاتُهُ وَمَا اشْتَدَّتْ سَقَطَاتُهُ، فَكُلُّ إِنْسَانٍ -سِوَى مَا اسْتَدْرَكُوا - يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ وَيُتْرَكُ، وَهِيَ الدُّنْيَا لَا يَكْمُلُ فِيهَا شَيْءٌ، وَلَا يَخْلُو مُصَنَّفٌ مِنْ نَشْرٍ وَطَيٍّ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "حَقٌّ عَلَى اللهِ أَلَّا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ" (٥) لَيْسَ المَعْنَى بِوَضْعِهِ إِعْدَامَهُ وَإِتْلَافَهُ، إِنَّمَا هُوَ نَقْصٌ فِيهِ.

نَعَمْ، قَدْ ظَهَرَ الكَثِيرُ مِنَ الْخَلَلِ، وَانْتَشَرَ مِنَ الْمَنَاكِيرِ مَا اشْتَملَ عَلَى أَقْبَحِ الْعِلَلِ، حَيْثُ انْتَدَبَ لِهَذَا الْفَنِّ الشَّرِيفِ مَنِ اشْتَمَلَ عَلَى التَّحْرِيفِ وَالتَّصْحِيفِ؛ لِعَدَمِ إِتْقَانِهِمْ شُرُوطَ الرِّوَايَةِ وَالنَّقْلِ، وَائْتِمَانِهِمْ مَنْ لَا يُوصَفُ بِأَمَانَةٍ وَلَا عَقْلٍ، بَلْ


(١) ساقط من ب.
(٢) لمزيد من التفاصيل عن تساهل الحاكم في مستدركه انظر: السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٦٣؛ السيوطي، تدريب الراوي، ١/ ١١٣.
(٣) انظر: ابن كثير، اختصار علوم الحديث، ١/ ٢٤٠.
(٤) في ز: ببركاته، وهو تحريف.
(٥) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٢٨٧٢ ومواضع أخرى) عن أنس بن مالك مطولًا، وفيه المرفوع.

<<  <   >  >>