للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَلِكَ؛ فَالْأُمُورُ الْمُرَخَّصُ فِيهَا لِلْحَاجَةٍ لَا يَرْتَقِي فِيهَا إِلَى زَائِدٍ عَلَى مَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ.

وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: "سَمِعَنِي الشَّافِعِيُّ يَوْمًا وَأَنَا أَقُولُ: فُلَانٌ كَذَّابٌ. فَقَالَ لِي: يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ، اكْسُ أَلْفَاظَكَ أَحْسَنَهَا، لَا تَقُلْ: كَذَّابٌ، وَلَكِنْ قُلْ: حَدِيثُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ" (١).

وَنَحْوُهُ أَنَّ البُخَارِيَّ كَانَ لِمَزِيدِ وَرَعِهِ (وَتَحَرِّيهِ وَتَوَقِّيهِ) (٢) قَلَّ أَنْ يَقُولَ: "كَذَّابٌ أَوْ وَضَّاعٌ"، (أَكْثَرُ مَا يَقُولُ: "سَكَتُوا عَنْهُ، فِيهِ نَظْرٌ، تَرَكُوهُ" وَنَحْوُ هَذَا) (٣). نَعَمْ رُبَّمَا يَقُولُ: "كَذَّبَهُ [فُلَانٌ] (٤)، أَوْ رَمَاهُ فُلَانٌ بِالكَذِبِ" (٥).

(وَحَكَى مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ "صَحِيحِهِ" (٦) أَنَّ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيَّ ذَكَرَ (٧) رَجُلًا فَقَالَ: "هُوَ يَزِيدُ فِي الرَّقْمِ" (٨) وَكَنَّى بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ الكَذِبِ) (٩).

وَإِذَا كَانَ الَّذِي بَلَغَهُ فِيهِ احْتِمَالٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، لَا يَجْزِمُ بِأَحَدِهِمَا، بَلْ يَقِفُ وَيَحْتَاطُ فِيمَا يُمْكِنُ الْمَخْلَصُ عَنْهُ بِتَأْوِيلٍ صَحِيحٍ.

وَقَدِ اتَّفَقَ أَنَّ قَاضِيًا تَوَقَّفَ فِي شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ، فَحَضَرَ إِلَيْهِ سِرًّا وَسَأَلَهُ عَنْ


(١) انظر: السخاوي، فتح المغيث، ٢/ ٢٩٢.
(٢) ساقط من باقي النسخ.
(٣) ساقط من ب.
(٤) ساقط من أ، والمثبت من باقي النسخ.
(٥) انظر مثلًا: البخاري، الضعفاء، رقم: ٥٣، ١٠٧، ١٣٩.
(٦) انظر: ص ٥٦.
(٧) في ق، ز: نكر، وهو تحريف.
(٨) أي: يزيد في سِعْر ما يُكْتب من أسعار الثياب، فكنّى بذلك ممن يزيد في أصل الحديث من الكذب. انظر: المأربي، شفاء العليل بألفاظ الجرح والتعديل، ص ٢٧٤.
(٩) ساقط من ب.

<<  <   >  >>