للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَعْلُهَا مِنَ الْهِجْرَةِ لِأَنَّ الْمَوْلِدَ وَالْمَبْعَثَ لَا يَخْلُو وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنَ النِّزَاعِ فِي تَعْيِينِ سَنَتِهِ، وَأَمَّا وَقْتُ الْوَفَاةِ فَأَعْرَضُوا عَنْهُ لِمَا يُوقِعُ تَذَكُّرُهُ (١) مِنَ الْأَسَفِ عَلَيْهِ، فَانْحَصَرَ فِي الْهِجْرَةِ. وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَى الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ؛ إِذِ الْبَيْعَةُ وَقَعَتْ فِي أَثْنَاءِ ذِي الْحِجَّةِ، وَهِيَ مُقَدِّمَةُ [الْهِجْرَةِ] (٢) فَكَانَ أَوَّلَ هِلَالٍ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْبَيْعَةِ وَالْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ هِلَالُ الْمُحَرَّمِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُبْتَدَأً.

قَالَ شَيْخُنَا: "وَهَذَا أَقْوَى مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَةِ الِابْتِدَاءِ بِالْمُحَرَّمِ" (٣).

وَذَكَرُوا (٤) فِي سَبَبِ عَمَلِ (عُمَرَ) (٥) التَّارِيخَ أَشْيَاءَ:

مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ فِي "تَارِيخِهِ" (٦) وَمِنْ طَرِيقِهِ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ: "أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ -رضي الله عنه-: إِنَّهُ يَأْتِينَا مِنْكَ كُتُبٌ لَيْسَ لَهَا تَارِيخٌ. فَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرِّخْ بِالْمَبْعَثِ. وَبَعْضُهُمْ: أَرِّخْ بِالْهِجْرَةِ. فَقَالَ عُمَرُ: الْهِجْرَةُ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؛ فَأَرِّخُوا بِهَا. وَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، فَلَمَّا اتَّفَقُوا قَالَ بَعْضُهُمْ: ابْدَؤُوا بِرَمَضَانَ. فَقَالَ عُمَرُ:


(١) وفي الفتح: بذكره.
(٢) ليست في أ، والمثبت من باقي النسخ.
(٣) انظر: ابن حجر، فتح الباري، ٧/ ٣٣٠.
(٤) أيضًا أفاد السخاوي في هذا المبحث من: ابن حجر، فتح، ٧/ ٣٣٠ وما بعدها.
(٥) ليست في باقي النسخ.
(٦) قال سزكين: "اقتبس منه ابن حجر في الإصابة ٢/ ٨٣٠، وبعض هذه الاقتباسات موجود كذلك في طبقات ابن سعد، والتاريخ الكبير للبخاري وغيرهما". انظر: سزكين، تاريخ التراث العربي، ١/ القسم الأول، ص ١٨٩.

<<  <   >  >>