للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلِ الَّذِي انْقَرَضَ في (١) الصَّحَابَةُ وَكِبَارُ التَّابِعِينَ ضَعِيفٌ، إِلَّا الْوَاحِدَ بَعْدَ الْوَاحِدِ، كَالْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، وَالْمُخْتَارِ الْكَذَّابِ.

فَلَمَّا مَضَى الْقَرْنُ الْأَوَّلُ وَدَخَلَ الثَّانِي، كَانَ فِي أَوَائِلِهِ مِنْ أَوْسَاطِ التَّابِعِينَ جَمَاعَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ ضُعِّفُوا غَالِبًا مِنْ قِبَلِ تَحَمُّلِهِمْ وَضَبْطِهِمْ لِلْحَدِيثِ، فَتَرَاهُمْ يَرْفَعُونَ الْمَوْقُوفَ، وَيُرْسِلُونَ كَثِيرًا، وَلَهُمْ غَلَطٌ، كَأَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ.

فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ آخَرِ (٢) عَصْرِ التَّابِعِينَ، وَهُوَ حُدُودُ الْخَمْسِينَ وَمِئَةٍ، تَكَلَّمَ فِي التَّوْثِيقِ وَالتَّجْرِيحِ (٣) طَائِفَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ.

فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٤): "مَا رَأَيْتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ".

وَضَعَّفَ الْأَعْمَشُ جَمَاعَةً وَوَثَّقَ آخَرِينَ.

وَنَظَرَ فِي الرِّجَالِ شُعْبَةُ، وَكَانَ مُتَثَبِّتًا لَا يَكَادُ يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ، وَكَذَا كَانَ مَالِكٌ.

وَمِمَّنْ إِذَا قَالَ فِي هَذَا الْعَصْرِ قُبِلَ قَوْلُهُ: مَعْمَرٌ، وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمْ.

ثُمَّ طَبَقَةٌ أُخْرَى بَعْدَ هَؤُلَاءِ كَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَهُشَيْمٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، وَالْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيِّ، وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضِّلِ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَغَيْرِهِمْ.


(١) كذا في جميع النسخ، وفي فتح المغيث. انظر: ٤/ ٤٣٨. وصوَّبها عبد الفتاح: فيه. انظر: المتكلمون، ص ٩٦.
(٢) في باقي النسخ: آخرهم.
(٣) في فتح المغيث: والتضعيف.
(٤) انظر: ابن حبان، المجروحين، ١/ ٢٠٩؛ المزي، تهذيب، ٤/ ٤٦٨.

<<  <   >  >>