ولقَدْ بالَغوا في الحثِّ على مشاورة ذوي الرأي والتجربة حتى ولَوْ كانوا أعداءً، قال ابن المقفع في كليلة ودمنة: لا ينبغي للعاقل أن يتركَ استشارةَ عدوّه ذي الرأي فيما يُشْركه ذلك العدوُّ في نفعِه وضرِّه. . .
وقد رأى قومٌ خلافَ ذلك وذهبوا إلى أنّ رأيَ الشباب هو الرأي الصائِب، وفهمُهم هو الفهم الثاقب، إذْ أنّ عقولَهم سليمةٌ من العوارض، وآراءَهم خَضِرةٌ نَضِرةٌ لم يَهْتَصِرْ غُصْنَها هرمٌ، ولا أذوى زهرَتَها قِدَمٌ ولا خَبا من ذَكائِها بطول المُدّة ضرمٌ. قالوا: إنّ رأي الشَّيخ كالزّند قد انْثلم، أمّا رأي الشاب فكالزّندِ الصحيح الذي يُورى بأيسرِ اقْتِداح وقال الشاعر: