للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِعْمَالَ لَيْسَ أُعْمِلَتْ (مَا): أُعْمِلَتْ (مَا) إِعْمَالَ لَيْسَ، إِعْمَالَ: هذا مفعول مطلق مقيد بالإضافة.

إِعْمَالَ مضاف ولَيْسَ مضاف إليه، قصد لفظها في محل جر.

إِعْمَالَ لَيْسَ أُعْمِلَتْ مَا –النافية- وبدأ بها لأنها هي أم الباب، الأصل في هذه الحروف الأربعة ألا تعمل، وخاصة (مَا)؛ لأن الحرف كما سبق هناك: سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَـ (هَلْ) وَ (فِي) وَ (لَمْ).

قلنا عدَّد الأمثلة للإشارة إلى أن الحرف منه ما هو مشترك ومنه ما هو خاص، والخاص إما أن يكون خاصاً بالاسم، وإما أن يكون خاصاً بالفعل -قاعدة عنده-: أن ما كان مشتركاً فالأصل فيه الإهمال ألا يعمل؛ لأنه غير مختص يدخل على الاسم ما زيد قائم، ويدخل على الفعل ما يقوم زيد، إذاً ماذا يعمل؟ الأصل فيه الإهمال ألا يعمل، وحينئذٍ لو وجد من هذا النوع المشترك ما قد عمل يأتي السؤال: لماذا أعملت (مَا)؟ وما جاء منه مهملاً: هل زيد قام، هل قام زيد .. حينئذٍ لا يتوجه السؤال، لماذا؟ لأن الأصل في المشترك ألا يعمل، فإن أُعمل مثل (مَا) حينئذٍ يرد السؤال: لماذا أعمل، والمختص الأصل فيه العمل، فإذا أعمل حينئذٍ لا يقال لماذا أعمل، بل جرى على الأصل، فإن أهمل مثل السين وسوف وقد وأل المعرفة، حينئذٍ يرد السؤال: لماذا أهملت هذه والأصل فيها أنها تعمل، وهذا يعلل في كل محل بحسب ما يناسبها، ولكن الذي وقع فيه النزاع المختص بالاسم، هل الأصل فيه أنه يعمل ما اختص بالاسم من أنواع الإعراب، أم أنه يعمل فحسب أي عمل؟ يعني مثلاً الآن حرف الجر في: مررت بزيد، نقول: حرف الجر الباء هذا مختص بالاسم، هنا عمل الجر في الاسم، والجر هذا خاص بالاسم، هل الحرف المختص يختص بأثر يختص به مدخوله، فحرف الجر حينئذٍ يؤثر الجر ولم حرف جزم يؤثر الجزم في الفعل المضارع لأنه مختص به، أم أنه يعمل مطلق العمل، وحينئذٍ إن زيداً نقول: إن هذا حرف يختص بالاسم، عمل لكنه ما عمل شيئاً يختص بالاسم، وإنما عمل شيئاً مشتركاً وهو النصب، هل هذا خروجٌ عن الأصل، أم المراد أن ما اختص يعمل مطلق العمل أو العمل الخاص؟

قولان للنحاة: المشهور أنه مطلق العمل، فحينئذٍ إنَّ زيداً لا نقول خرجت عن الأصل، هي عملت النصب، ثم يكفي هذا في كونها مختصة، أم نحتاج إلى سؤال نقول: هي عملت لأن الأصل فيها أنها تعمل؛ لأنها مختصة، يبقى السؤال: لماذا لم تعمل الجر وإنما عملت النصب؟ هذا بعضهم يعلل بهذا التعليل يقول: لأنها أشبهت الفعل إنَّ وأنَّ للتوكيد، ولكنَّ للتشبيه .. ونحو ذلك، فهي أشبهت الفعل في المعنى كما سيأتي، فحينئذٍ عملت النصب.

فنحتاج إلى تعليل لكونها خرجت من الجر إلى النصب، ولا نحتاج إلى تعليل في كونها قد عملت؛ لأن عمل المختص على الأصل، وتعليله يكون بخروجه عن الجر إلى النصب.

إِعْمَالَ لَيْسَ أُعْمِلَتْ مَا: أُعْمِلَتْ، مَا نائب فاعل، وأُعْمِلَتْ فعل ماضي مغير الصيغة.

إِعْمَالَ لَيْسَ: قلنا هذا مفعول مطلق مقدم.

أُعْمِلَتْ (مَا) إِعْمَالَ لَيْسَ، لماذا؟ لكونها أشبهتها في المعنى، ولذلك قيل: أشبهت (مَا) ليس من ثلاثة أوجه:

أولاً: أنها تدل على النفي في الحال، كما أن ليس تدل على النفي في الحال.