للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - الدكتور مصطفى السباعي، وقد كان من المهتمين بالتقارب بين السنة والشيعة وباشر تدريس فقه الشيعة في كلية الشريعة بدمشق وكذلك في كتبه، لكن وجد مجرد الخداع من الشيعة.

يقول الدكتور مصطفى السباعي - رحمه الله - في كتابه (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص ٩،١٠): «في عام ١٩٥٣ زرتُ عبد الحسين شرف الدين في بيته بمدينة صور في جبل عامل وكان عنده بعض علماء الشيعة فتحدثنا عن ضرورة جمع الكلمة وإشاعة الوئام بين فريقَي الشيعة وأهل السنة، وإن من أكبر العوامل في ذلك أن يزور علماء الفريقين بعضهم بعضًا وإصدار الكتب والمؤلفات التي تدعو إلي هذا التقارب.

وكان عبد الحسين متحمسًا لهذه الفكرة ومؤمنًا بها، وتم الاتفاق على عقد مؤتمر لعلماء السنة والشيعة لهذا الغرض، وخرجتُ من عنده وأنا فرِحٌ بما حصلتُ عليه من نتيجة، ثم زرتُ في بيروت بعضَ وجوه الشيعة من سياسيين وتجار وأدباء لهذا الغرض، ولكن الظروف حالت بيني وبين العمل لتحقيق هذه الفكرة، ثم ما هي إلا فترة من الزمن حتى فوجئتُ بأن عبد الحسين أصدر كتابًا في أبي هريرة - رضي الله عنه - مليئًا بالسباب والشتائم. (١)

لقد عجبتُ من موقف عبد الحسين في كلامه وفي كتابه ـ من ذلك الموقف الذي لا يدل على رغبة صادقة في التقارب ونسيان الماضي، وأرى الآن نفس الموقف من فريق دعاة التقريب من علماء الشيعة؛ إذ هم بينما يقيمون لهذه الدعوة الدور وينشئون المجلات في القاهرة ويستكتبون فريقًا من علماء الأزهر لهذه الغاية لم نَرَ أثرًا لهم في الدعوة لهذا التقارب بين علماء الشيعة في العراق وإيران وغيرهما.

فلا يزال القوم مُصِرّين على ما في كتبهم من ذلك الطعن الجارح والتصوير المكذوب لما كان بين الصحابة من خلاف كأن المقصود من دعوة التقريب هي تقريب أهل السنة إلى مذهب الشيعة لا تقريب المذهبين كل منهما للآخر.

ومن الأمور الجديرة بالاعتبار أن كل بحث علمي في تاريخ السنة أو المذاهب الإسلامية مما لا يتفق مع وجهة نظر الشيعة يقيم بعض علمائهم النكير علَى من يبحث في ذلك، ويتسترون وراء التقريب ويتهمون صاحب البحث بأنه متعصب معرقل لجهود المصلحين في التقريب.

ولكن كتابًا ككتاب الشيخ عبد الحسين شرف الدين في الطعن بأكبر صحابي موثوق في روايته للأحاديث في نظر جمهور أهل السنة، لا يراه أولئك العابثون أو الغاضبون عملًا معرقلًا لجهود الساعين إلى التقريب، ولست أحصر المثال بكتاب أبي هريرة المذكور، فهناك كتب تطبع في العراق وفي إيران، وفيها من التشنيع علَى عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - وعلَى جمهور الصحابة ما لا يحتمل سماعه إنسان ذو وجدان وضمير». (انتهى المقصود من كلام الدكتور مصطفى السباعي - رحمه الله -).

قال الدكتور علي السالوس ـ أستاذ الفقه والأصول، وعضو المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، والذي كان الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق - رحمه الله - قد كلّفه بكتابة رد علَى كتاب (المراجعات) ـ للمدعو عبد الحسين شرف الدين الموسوي ـ قال الدكتور علي السالوس في الجزء الرابع من موسوعته: (مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع):

«وجدنا عبد الحسين شرف الدين الموسويّ يقدَّم في اللقاءات التي عقدها الشيعة للتقريب بين الشيعة وأهل السنة على أنه من دعاة التقريب!! وهو صاحب كتاب المراجعات الذي رددتُ علية بكتابي (المراجعات المفتراة على شيخ الأزهر البشرى)، وأثبَتُ أنه ـ أي عبد الحسين شرف الدين الموسوي ـ من أشد الرافضة غلوًا وضلالًا وزندقةً، حيث حرَّف القرآن الكريم نصًا ومعنىً، وبَيَّنَ أن الكتب الأربعة عندهم مقدسة، ورواياتها مضمونها متواتر ـ وهي كتب الحديث عندهم التي تحدثت عنها في


(١) بل انتهى فيه إلى القول بأن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان منافقًا كافرًا وأن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أخبر عنه بأنه من أهل النار.

<<  <   >  >>