للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبد الله بن عمرو: ألك امرأة تأوي إليها؟ قال: نعم.

قال: ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم قال: فأنت من الأغنياء. قال: فإن لي خادماً. قال: فأنت من الملوك (١).

الله أكبر، فماذا كان قائلاً لو رآنا اليوم ونحن نتقلب في النعم ظهراً لبطن والترف قد نَخَلَنا نَخْلاً، وتساوى الدعاة والصالحون - أو أكثرهم - مع غيرهم في اقتسام الترف واللذائذ وانتهاب الطيبات؟

وجاء أصحاب سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، يعودونه عند الاحتضار، فوجدوه يبكي، فسألوه عما به؟ فقال: عهد إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون زاد أحدنا كزاد الراكب، فقالوا: حَسَبْنا مافي بيته فإذا هو لا يزيد عن بضعه عشر درهماً، رضي الله تعالى عنه (٢).

فعلى الدعاة والصالحين أن يخشوشنوا حتى لا يركنوا إلى الدنيا وتقعد بهم هممهم، وهم في حاجة ماسة إلى التدرب على هذا حتى يصبح خلقاً سائداً فيهم، نعم إن هذا زمان صعب إن طاوعتك نفسك فيه على منهاج من العيش خشن قد لا يطاوعك على ذلك أهلك والمقربون منك،


(١) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب الزهد، حديث رقم ٢٩٧٩.
(٢) ((نزهة الفضلاء)): ١/ ٢٠٥.

<<  <   >  >>