((قال العلماء: الحكمة في إلهام الأنبياء من رعي الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلَّفونه من القيام بأمر أمتهم، ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعى ونقلها من مسرح إلى مسرح ودفع عدوها من سبع وغيره كالسارق، وعلموا اختلاف طباعتها وشدة تفرقها مع ضعفها واحتياجها إلى المعاهدة، ألفوا من ذلك الصبر على الأمة، وعرفوا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها فجبروا كسرها ورفقوا بضعيفها وأحسنوا التعاهد لها، فيكون تحملهم لمشقة ذلك أسهل مما لو كُلفوا القيام بذلك من أو وهلة لما يحصل لهم من التدريج على ذلك برعي الغنم. وخُصت الغنم بذلك لكونها أضعفَ من غيرها، ولأن
(١) أحمد بن علي بن محمد، الأستاذ إمام الأئمة، أبو الفضل الكناني العسقلاني المصري الشافعي، ويعرف بابن حجر وهو لقب لبعض آبائه. ولد سنة ٧٧٣ بمصر القديمة، ونشأ بها يتيماً، وجدَّ في العلوم المناصب كالقضاء والحسبة والإمامة. توفي رحمه الله تعالى بالقاهرة سنة ٨٥٢. انظر ((الضوء اللامع)): ٢/ ٣٦ - ٤٠.