للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الزاد الكثير والمدد الكبير، وهو هناك حيث يلتقي العبد بربه في خلوة وفي نجاء، وفي تطلع وفي أنس، تفيض منه الراحة على التعب والضنى، وتفيض منه القوة على الضعف والقلة، وحيث تنفض الروح عنها صغائر المشاعر والشواغل، وترى عظمة التكليف وضخامة الأمانة فتستصغر ما لاقت وما تلاقي من أشواك الطريق.

إن الله رحيم كلف عبده الدعوة ونزل عليه القرآن، وعرف متاعب العبء وأشواك الطريق، فلم يدع نبيه - صلى الله عليه وسلم - بلا عون أو مدد، وهذا هو المدد الذي يعلم سبحانه أنه هو الزاد الحقيقي الصالح لهذه الرحلة المضنية في تلك الطريق الشائك، وهو هو زاد أصحاب الدعوة إلى الله في كل أرض وفي كل جيل، فهي دعوة واحدة، ملابساتها واحدة، وموقف الباطل منها واحد، وأسباب هذا الموقف واحدة ووسائل الباطل منها واحد، وأسباب هذا الموقف واحدة، ووسائل الباطل هي ذاتها وسائله، فلتكن وسائل الحق هي الوسائل التي علم الله أنها وسائل هذا الطريق.

والحقيقة التي ينبغي أن يعيش فيه أصحاب الدعوة إلى الله هي هذه الحقيقة التي لقنها الله لصاحب الدعوة الأولى - صلى الله عليه وسلم -، هي أن التكليف بهذه الدعوة ينزل من عند الله فهو صاحبها، وأن الحق الذي تنزلت به لا يمكن مزجه بالباطل الذي يدعو إليه الآثمون الكفار؛ فلا سبيل إلى التعاون بين حقها وباطلهم أو الالتقاء في منتصف الطريق

<<  <   >  >>