للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجواب:

أقول إن هناك فرقًا بين النكاحين، فالأول تزوجها، وقد عقد النية الجازمة على طلاقها فخدع المرأة وغشها فقبلته زوجًا غير عالمة بمقصده السيء فطلقها بعد انتهاء غرضه. أما الثاني فقد تزوج المرأة وفي نيته الاستمرار والدوام. إذا لم يحصل بينهما وفاق ولم توجد المودة بينهما وشق عليه إمساكها فطلقها، فإنه والحالة هذه هو معذور ولا يلام بعد أن يستعمل جميع الوسائل التي شرع الله في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - لإبقائها واستمرار النكاح، فالأمر بعد ذلك لله: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: ١٣٠]، فلعل الفرق بين النكاحين واضح.

والخلاصة أن نقول: أن ثمة أمورًا ثلاثة ينبغي أن يتنبه لها الإنسان.

أحدها: خواطر وهواجس ترد على الإنسان عند عقد النكاح.

وثانيها: أن ينوي أنها إن صلحت أبقاها وإن لم تعجبه طلقها.

ثالثها: أن ينوي أنه متى مضى شهر أو انتهى غرضه من البلد أو متى شفى الله زوجته يطلقها.

أما الأول: فلا يضر العقد ولا يؤثر فيه، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: «إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم» (١).

والثاني: أيضًا لا يضر العقد، حيث إن هذا مما يقتضيه العقد بل جميع العقود أن الإنسان إذا لم تعجبه السلعة يبيعها أو لم يرد الله بينهما توافق يطلقها.


(١) رواه البخاري في صحيحه في مواضع عدة أحدها باب إذا حنث ناسيًا في الأيمان رقم (٦٢٨٧) ٦/ ٢٤٥٤، ومسلم في صحيحه رقم (١٢٧) ١/ ١١٦ كلاهما من طريق قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>