فلما ذاقت عسيلة المحلَّل خرجت على وجهها فلم يجتمع شمل الإحصان والعفة بعد بشملها».
قلت: وكم من امرأة عفيفة خدعها من تزوجها بنية الطلاق فلما ذاقت عسيلته وتعلقت به تعلق الزوجات بالأزواج، قلب لها ظهر المجن فطلقها، فلا تزال تذكر ذلك الزواج الذي كانت لا تعرف عنه شيئًا قبل فدعاها ذلك للبحث عنها -؟ أي العسيلة - من غيره مما دعاها إلى السقوط في الحضيض.
ولعل القارئ أدرك معي أن ما ذكره ابن القيم رحمه الله من استدلال على تحريم نكاح التحليل ينطبق على الزواج بنية الطلاق، وأن القاعدة التي ذكرها رحمه الله تؤيد القول بتحريم النكاح بنية الطلاق، والله أعلم.
وممن منعه من المتأخرين وقال: هو شبيه بنكاح المتعة:
الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى:
قال في «تفسيره»: «هذا؛ وإن تشديد علماء السلف والخلف في منع المتعة يقتضي منع النكاح بنية الطلاق، وإن كان الفقهاء يقولون: إن عقد النكاح يكون صحيحًا إذا نوى الزوج التوقيت ولم يشترطه في صيغة العقد، ولكن كتمانه إياه يعد خداعًا وغشًا، وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت الذي يكون بالتراضي بين الزوج والمرأة ووليها، ولا يكون فيه من المفسدة إلا العبث بهذه الرابطة العظيمة التي هي أعظم الروابط البشرية، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات بين الذواقين والذواقات، وما يترتب على ذلك من المنكرات، وما لا يشترط فيه ذلك، يكون اشتماله على ذلك غشًا وخداعًا، تترتب عليه مفاسد أخرى، من العداوة والبغضاء وذهاب الثقة حتى بالصادقين الذين يريدون بالزواج حقيقته، وهو إحصان كل من الزوجين للآخر وإخلاصه له وتعاونهما على