الصحابة رضي الله عنهم دون أن ينكر أحد منهم على من يتزوج بنية الطلاق؛ بل كان على مرأى ومسمع من علي بن أبي طالب رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين، فيكون مع فشو الخبر بينهم حجة. وذكروا أن من بين الذين اشتهروا بالزواج بنية الطلاق الحسن بن علي رضي الله عنهما، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه، حيث نقل شمس الدين الذهبي أن المغيرة بن شعبة قال: لقد تزوجت سبعين امرأة أو أكثر وكان يومًا تحته أربعة نساء فصفهن بين يديه وقال: أنتن حسنات الأخلاق طويلات الأعناق ولكني رجل مطلاق فأنتن الطلاق، وكان ينكح أربعًا جميعًا ويطلقهن جميعًا.
الجواب:
نقول: لقد ذكر العلماء رحمهم الله: أن أقوال الصحابة وأفعالهم لا تكون حجة إلا إذا توفرت فيها الشروط المطلوبة، منها:
١ - أن لا تخالف دليلاً شرعيًا أو مقصدًا من مقاصد الشريعة.
٢ - أن لا تخالف قول صحابي آخر، فليس قول أحدهم بأولى من قول الآخر إلا ما أيده الدليل.
٣ - أن ينتشر هذا القول أو هذا الفعل بينهم فيحصل السكوت منهم مع وجود ما يدل على رضاهم وإقرارهم.
أما ما ذكروه عن المغيرة بن شعبة والحسن بن علي رضي الله عنهما؛ فإنا نطالبهم بثبوت ما ذكروه عنهما، وما ذكروه عن المغيرة فإن لفظ الأثر لا يتناسب ولا يليق بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد بحثت في إسناد هذا الأثر فوجدت ما ذكروه زيادة أدرجت في حديث صحيح، وهو ما رواه سعيد بن منصور في سننه (١) أنبأنا أبو شهاب عن عاصم الأحول عن بكر بن عبد الله المزني عن المغيرة بن
(١) «سنن سعيد بن منصور»، باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها رقم (٥١٦) ١/ ١٧١.