للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يدل على عدم صحة هذه القصة عن الحسن نكارتها من حيث المعنى من وجهين:

الأول: أن عليًا رضي الله عنه - في هذا الأثر المرسل - أنكر على أهل الكوفة تزويجهم بهذه الطريقة، والحسن مستمر على فعله هذا يتزوج منهم ويزوجونه ثم لا يمنعه علي رضي الله عنه من فعله هذا وهو والده وخليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا يكون عدم منعه من هذا الفعل مع قدرته على منعه منه قادحًا في علي رضي الله عنه؟!

الثاني: أن عليًا رضي الله عنه كما في هذا الأثر أنكر فعل الحسن وأنكر صنيع أهل الكوفة ولم يوافقهم ولم يقرهم على ذلك الفعل، وإنكاره يدل على عدم حجية فعل الحسن، لأن من شروط العمل بقول الصحابي أو فعله ألا يخالفه غيره من الصحابة. وقد خالفه علي رضي الله عنه وهو والده وهو أفقه منه وأعلم، وهذا على فرض صحة هذه القصة، والله أعلم.

ثم هل يليق بابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد شباب أهل الجنة كما ذكر ذلك نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه أنه قال: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» (١)، وقد تربيا في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زهدًا وورعًا


(١) رواه الترمذي في جامعه، باب مناقب الحسن والحسين عليهم السلام رقم (٣٧٦٨) ٥/ ٦٥٦، وقال: «هذا حديث حسن صحيح»، ورواه النسائي، فضائل الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وعن أبويهما رقم (٨١٦٩) ٥/ ٥٠، والإمام أحمد في مسنده رقم (١١٠١٢) ٣/ ٣ و ٣/ ٦٢ و ٣/ ٦٤ و ٣/ ٨٢، ورواه الحاكم في مستدركه رقم (٤٧٧٨) ٣/ ١٨٢، وقال الحاكم: هذا حديث قد صح من أوجه كثيرة وأنا أتعجب أنهما لم يخرجاه. رووه كلهم عن أبي سعيد الخدري وروي هذا الحديث عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم عن غير أبي سعيد الخدري منهم علي وعمر وأبي هريرة وحذيفة وقرة بن إياس ومالك بن الحويرث وجابر بن عبد الله وأسامة بن زيد والحسين بن علي والبراء بن عازب وأنس بن مالك وعقبة بن عامر وابن عباس وغيرهم. جمعها الهيثمي في «المجمع». انظرها ٩/ ١٨٢، ولذا عده الحافظ السيوطي من المتواترات. انظر: «تحفة الأحوذي» ١٠/ ١٧٨، و «الإصابة» لابن حجر ٢٦٨، و «كشف الخفاء» للعجلوني ١/ ٤٢٩.

<<  <   >  >>