للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا} [النساء: ١١٩ - ١٢١].

لذا فإنه لا يألو جهدًا وذريته في إضلال بني آدم بشتى الوسائل والطرق، صغرت أو كبرت دقت أو جلت عظمت أو صغرت، ولما كانت النساء من أعظم الحبائل والوسائل التي يصل بها إبليس اللعين إلى إفساد المجتمع وضياعه، وضعفه وانصرافه عن الواجبات والوقوع في المحرمات، فقد أحكم المصائد والأشراك بشتى الوسائل، بما يزينه من الإغراءات لبعض الناس والشبه التي تجعل بعض الناس يدعون لبعض الأنكحة، التي تتعارض مع مقاصد الشريعة في النكاح - كنكاح المتعة، والتحليل، والشَّغَار - ومن ذلك نكاح الزواج بنية الطلاق، بشبهة أنه سبب يمنع من الوقوع في الزنا، وعلاج مؤقت للغرباء والعزاب حتى يتيسر لهم الاستقرار أو تتوفر لهم مؤنة الزواج الحقيقي، هكذا استساغ هؤلاء هذه الشبه وزينوها لهم، فما كان من ذلك إلا أن عزف كثير من الشباب العزاب عن الزواج خوفًا من وجود المشاكل الزوجية والتزاماتها المستمرة، وزهد كثير من المتزوجين بزوجاتهم فصاروا في بلادهم يتزوجون ويطلقون يشبعون رغباتهم، ويروون نهماتهم؛ بل سارع الكثير منهم في إجازاتهم إلى السفر إلى خارج بلادهم إلى البلدان العربية أو البلاد الشرقية والغربية وغيرها فيتزوج أحدهم عدة زوجات، وربما تزوج في شهر واحد ما يزيد على العشرين، وربما كان عنده زوجة أو زوجات، ومن المعلوم أن الرجل لا يجوز له أن يجمع في ذمته أكثر من أربع زوجات، وهذا حرام بإجماع أهل العلم (١)،

وهذا مما علم من


(١) قلت: هذا بالنسبة للرجعية فلا يجوز للزوج حين يطلق الرابعة أن يتزوج بدلها في عدتها بل حتى تنقضي عدتها، وقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم قال ابن عبد البر: (لا خلاف بين العلماء فيمن له أربع نسوة يطلق إحداهن طلقة يملك رجعتها أنه لا يحل له نكاح غيرها حتى تنقضي عدتها لأنها في حكم الزوجات في النفقة والسكنى والميراث ولحقوق الطلاق والإيلاء والظهار واللعان كالتي لم تطلق منهن سواء) (الاستذكار) ٥/ ٥٤٠.

أما المطلقة طلاقًا بائنًا أو المفسوخة فالصحيح أنه لا يجوز له أيضًا، وقد خالف في ذلك بعض أهل العلم لكنه محجوج بإجماع الصحابة قبله. قال عبيدة السليماني: (ما أجمعت الصحابة على شيء كإجماعهم على أربع قبل الظهر: وألا تنكح امرأة في عدة أختها ... ) انظر: (المغني) ٧/ ٦٧، وقد روى هذا عن ابن عباس رواه ابن أبي شيبة ٣/ ٥٢٤.
وروي عن علي رضي الله عنه وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب ومجاهد والنخعي والثوري وأصحاب الرأي، وروي عن أبي الزناد قال: (كان للوليد بن عبد الملك أربع نسوة فطلق واحدة ألبتة وتزوج قبل أن تحل فعاب عليه كثير من الفقهاء وليس كلهم عابه) قال سعيد بن منصور: (إذا عاب عليه سعيد بن المسيب فأي شيء بقي)، (سنن سعيد بن منصور) (١/ ٤٤٨ رقم (١٧٤٩).
ولأنها محبوسة عن النكاح لحقَّه أشبه ما لو كان الطلاق رجعيًا، ولأنها معتدة في حقه أشبهت الرجعية وفارق المطلق قبل الدخول بها. انظر: (المغني) ٧/ ٦٧، وهو اختيار اللجنة الدائمة ١٨/ ٢٣٦ وما بعدها.
أما إذا ماتت أحد زوجاته فلا بأس أن يتزوج إثر وفاتها. قال ابن عبد البر: (لأنه لا يخاف مع الموت فساد النسب ولا يراعى اجتماع المائين هنا) انظر: (الاستذكار) ٥/ ٥٤٠.

<<  <   >  >>