للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك، ولا شك من وجود الخلاف لكن الخلاف إذا لم يُسند أحد جوانبه نصٌ أو مفهوم نص كان الناظر فيه غير ملزم بأخذ طرف، إلا ما اندرج منه تحت قواعد الشريعة وأصولها.

وإذا وجد لبعض فحول العلماء قولان في مثل هذه المسألة، فالمتعين الأخذ بما وافق الدليل وتمشى مع قواعد الشريعة واندرج في سبيلها القويم، وكون شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله له رأيان في المسألة وغيره يؤيد صحة هذا النكاح وآخر يبطله، يحملنا على أن نقول: الجدير بشيخ الإسلام أن يكون رأيه الخاص بإباحة هذا النكاح، كان في أول أمره تبعًا للموقف، ومن كان على هذا القول ثم استبان له الرأي، بعد اتساع دائرة علمه وإحاطته بالسنة ومقاصد الشريعة وتعمقه في الغوص على مدلولات النصوص وحكمة التشريع، فصار إلى خلاف الرأي الأول، ولا شك أن كل إنسان يؤخذ من قوله ما وافق الدليل، ويستغنى عن ما خالف الدليل بالدليل نفسه أو ما فهم منه، وإحسان الظن، بالعلماء أمر لازم، وشيخ الإسلام ومن سبقه ومن لحقه أولى الناس بإحسان الظن، لكن الواجب الأخذ بما اتفق مع حكمة التشريع، وانسجم مع أدلة الكتاب والسنّة، والحق إنما هو الموافق للدليل، ولا يشترط له أن يقول به الأكثر، إنما الممنوع أن يخالف الأخذ به إجماعًا متيقنًا، وهذه المسألة التي كتب فيها فضيلة الدكتور صالح ليس فيها إجماع؛ بل لو قيل إن الأكثر على كراهة هذا النكاح لكان ذلك صوابًا، والكراهية في عرف السلف قد تكون قرينة التحريم، وهي اللائقة في هذا البحث.

إن حماية الأمة من الوقوع في الحرام أو الاحتيال عليه ولو لم يقصد الاحتيال أمر متعين، ومن عرف ما وقع الناس فيه ويقعون يجزم بأن الحق إن شاء الله مع من منع من هذا النكاح، الذي لم تصحبه نية كريمة، ولا قصد نزيه، وربما جر إلى فساد عريض وإضاعة ذرية كثيرة بسبب الانسياق في هذا المنحدر المظلم.

<<  <   >  >>