بنية الطلاق، وأبدوا الغرابة والاشمئزاز مما سمعوه من الفتوى التي نقلت إليهم في حل مثل هذا الزواج، وذكروا أنهم كانوا يظنون حرمته، لما علموه من قواعد الشريعة من تحريم ما كانت مفسدته أعظم من مصلحته، ومن تلك المفاسد ما رأوه من كثير من الشباب المغتربين والسائحين من المسلمين؛ حيث إنهم رأوهم منغمسين في مثل هذا الزواج، يتزوج أحدهم في الشهر الواحد عدة زوجات، يتزوج هذه ويطلقها، ويثب على الأخرى فيتزوجها ثم يطلقها ... وهكذا، وذكر لي أحدهم أنه يعرف شابًا مسلمًا تزوج في غربته في أمريكا تسعين فتاة، وذكر لنا أن كثيرًا من الشباب أنجبوا أولادًا من تلك الزوجات، وطلقوهن، فكان حظهن وحظ أولادهن الضياع والتشرد، وليس الأمر كذلك فحسب، بل كثير من الفتيات المسلمات، ومن أسلمن اللاتي أصبن بهذه المصيبة، ارتددن عن الإسلام، وهذه مفسدة من أعظم مفاسد الزواج بنية الطلاق.
يا لها من مصيبة!! مآسي ومهازل تحصل هناك وفي كل مكان مما ينزه عنها شرع الله الذي جاء بحفظ حقوق الإنسان، واحترام الحياة الزوجية وترسيخ دعائم الأسر ورعاية الأولاد وغيرهم، وتربيتهم؟!
أليس من المعلوم أن الأصل في الأبضاع التحريم، وهذا بالإجماع، فإذا كان كذلك، فإنها لا تستباح إلا بما دل الدليل على حلها، وأين الدليل على إباحة الزواج بنية الطلاق؟!
قد تقول: إن هذا النكاح قد توفرت فيه شروط النكاح وأركانه، وإذا كان كذلك، فهو نكاح صحيح.
فأقول: نعم، هو نكاح صحيح، ولكن في الظاهر؛ أي: فيما يبدو للناس، فتترتب عليه أحكام النكاح الصحيح، ذلك أن الزواج بنية الطلاق أمرٌ بينه وبين الله تعالى، فنكله إلى نيته، وأما في باطن الأمر وحقيقته فالنكاح باطل، وليس هو النكاح الذي شرعه الله تعالى، وليس هو