للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمنزلة الفاعل التام» (١).

فهناك فرق كبير بَيَّنٌ في حكم الشرع بين النية مع العمل، والنية بعد حدوث العمل: فرجل دخل في صلاة رباعية على أنها صلاة ظهر، وبعد تكبيرة الإحرام نواها عصرًا، أو دخل فيها على أنها صلاة عصر ثم بعد ذلك نواها ظهرًا، فهل يصح ذلك؟ ورجل نوى عند طلوع الفجر صيام يوم الإثنين وبعد الإمساك نوى أن يكون عن يوم من رمضان، فهل يجزيه صيام هذا اليوم عن يوم واجب عليه من رمضان؟ ورجل تصدق بمال تطوعًا، ثم بعد ذلك نواه عن زكاة واجبة عليه، فهل يجزيه ذلك؟

إذًا؛ فعدم تفريق شيخ الإسلام رحمه الله تعالى بين وجود نية الزواج بنية الطلاق عند العقد وبين وجود نية الطلاق بعد العقد، غير مستقيم، والله أعلم.

وأما قوله رحمه الله تعالى: «وهذا ملكه ثابت مطلق، وقد تتغير نيته فيمسكها دائمًا».

قلت: إنما حصل ثبوت ملكه على الزوجة مطلقًا بسبب ستره وإخفائه قصده عن الزوجة وأوليائها، ولو صرح بنيته، ما حصل له ملك أبدًا، ولو حصلت الموافقة بعد التصريح، لكان نكاح متعة.

وأما قوله رحمه الله تعالى: «وقد تتغير نيته فيمسكها».

هذا إذا تغيرت النية، ولكن؛ إذا لم تتغير النية، ألا يكون مبررًا لمنعه (٢)؟ ثم هذا منقوض بنكاح التحليل والمتعة فإنه قد تتغير نيته ولا قائل بجوازه لهذا، وأما كون الطلاق جائزًا له. هذا فيمن دخل بنية الاستمرار، ثم وجدت نية الطلاق بعد ذلك، أما من دخل من أول العقد على نية الطلاق فهذا أمر آخر.


(١) «طريق الهجرتين» ١/ ٥٣٢، و «إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان» ١/ ٢٦٨.
(٢) قد سبق مناقشة هذا الكلام ص٧٩.

<<  <   >  >>