للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يكن فيه قصد تحليل ولا شَرط أصلاً فهذا نكاح من الأنكحة»، فقوله رحمه الله إذا قصده؛ أي: إذا نوى بنكاحه التحليل دون شرط عليه ولا علم لأحد قصده - فهذا اعتراف من شيخ الإسلام رحمه الله بأن النية لها أثر في الحكم الشرعي. إذًا فما الفرق بين نية المحلل الذي حرم عليه هذا النكاح بمجرد نيته، وبين الزواج بنية الطلاق؟

لا فرق بينهما فيلزم شيخ الإسلام رحمه الله القول بتحريم هذا النكاح وبطلانه قياسًا على بطلان نكاح من نوى التحليل (١).

بل قال - رحمه الله تعالى - في موضع آخر: «والإرادة الجازمة إذا فعل معها الإنسان ما يقدر عليه كان في الشرع بمنزلة الفاعل التام له ثواب الفاعل التام وعقاب الفاعل التام» (٢).

وقال رحمه الله في موضع آخر: «والنكاح المبيح هو النكاح المعروف عند المسلمين وهو النكاح الذي جعل الله فيه بين الزوجين مودة ورحمة» (٣). انتهى.

والناس قديمًا وحديثًا، عجمًا وعربًا، إنسًا وجنًا لا يعرفون إلا هذا النكاح الذي يوافق مقاصد الشريعة في مشروعية الزواج.

ولو أن شيخ الإسلام رحمه الله رأى ما عليه الناس اليوم من التلاعب بأعراض النساء وما يبيته كل واحد يتزوج بهذا الزواج، من غش وخداع للمرأة وأوليائها. وما جره ذلك من مفاسد عظيمة، أخلاقية، واجتماعية، واقتصادية وصحية وغير ذلك، أقول لو رأى ذلك لما قال بجواز مثل هذا النكاح؛ لأن من القواعد العامة المسلم بها عند شيخ الإسلام رحمه الله أن الأمور بمقاصدها، وأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

ومن أصول شيخ الإسلام رحمه الله القول بسد الذرائع المفضية إلى مفاسد.


(١) «مجمع الفتاوى» ٣٢/ ٩٣، ٩٤.
(٢) «مجموع الفتاوى» ١٠/ ٧٤٠.
(٣) «مجموع الفتاوى» ٣٢/ ٩٣، ٩٤.

<<  <   >  >>