والحافظ المزي عمل فهرس أطراف لأصول الإسلام، هذا الفهرس هو استخدم أطراف الكتب الستة ومنها سنن ابن ماجه، وضم إليها كتاب الشمائل للترمذي، وعمل اليوم والليلة للإمام النسائي.
إذاً: الحافظ المزي استبعد كتاب سنن الدارمي، فاجتمع لسنن ابن ماجه معجم للألفاظ ومعجم لأطراف الأسانيد، أما معجم الألفاظ فهذا عمل المستشرقين في كتاب معجم ألفاظ الحديث، وأما أطراف الأسانيد فهي في كتاب يسمى: تحفة الأشراف في معرفة الأطراف للإمام المزي.
ومعنى الأطراف: ذكر أول المتون، مثلاً: عندما أقول: خرج لي الحديث الذي يقول: (علامة المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)، ومعك كتاب أطراف المتون، فأنت عندما تبحث في هذا الكتاب الذي بين يديك ستبحث فيه عن حرف العين ثم اللام، ثم اللام ألف، هذا يسمى طرف المتن، أو يسمى طرف الحديث، والحديث له طرفان: طرف من جهة الإسناد، وطرف من جهة المتن، فهذا طرف المتن، وأما طرف الإسناد فهو الصحابي الذي يروي هذا الحديث، فلو أن أبا هريرة هو الذي روى هذا الحديث فأنت تذهب إلى كتاب تحفة الأشراف مباشرة، وتأتي بمسند أبي هريرة، ثم تنظر في سنن ابن ماجه من الراوي عن أبي هريرة، فإذا كان مثلاً سعيد بن أبي سعيد المقبري تبحث في حرف السين من الرواة عن أبي هريرة، وإذا كان الراوي عن سعيد الزهري تبحث في حرف الميم؛ لأن اسمه محمد بن شهاب الزهري، وإذا كان الذي روى عن الزهري حماد تبحث في حرف الحاء عن حماد وهكذا؛ حتى تصل إلى طرف الحديث من جهة السند.
وطرف الحديث من جهة المتن تبحث عنه عن طريق المعجم المفهرس أو عن طريق الفهارس، فهناك لكل كتاب فهارس، والفهارس هي الأطراف، فهذا طرف الترمذي، وهذا طرف ابن ماجه، وهذا طرف البخاري، ومعنى ذلك أنك تستطيع الحصول على أي حديث في أي كتاب من كتب السنة عن طريق هذا الكتاب الذي يسمى (أطرافاً) أو يسمى (فهرساً).
وأريد أن أقول: إن الفهارس غير المعجم المفهرس، فعندما أقول: أنا أريد أن أعمل فهرساً لسنن ابن ماجه؛ لأجل أن يسهل علي الرجوع إلى الحديث؛ لأن أول ما أعرف طرف الحديث يسهل علي الرجوع إليه، فهذا شيء والمعجم المفهرس شيء آخر.
فالمعجم المفهرس وظيفته: أنني أبحث عن الحديث من خلال كلمات الحديث، وليس من خلال طرف الحديث، بل من خلال كلمة في نفس الحديث، ولا يشترط أن تكون أول كلمة ولا الثانية ولا الثالثة، ولا آخر كلمة، وإنما أي كلمة في الحديث، ويحسن بك أن تتخير أغرب كلمة في الحديث، كما في الحديث الذي مثَّلنا به:(علامة المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)، فعندما آتي وأبحث على هذا الحديث في المعجم المفهرس أبحث عن أطراف المتن، أما أطراف الأسانيد فليس للمعجم المفهرس أي علاقة بالأسانيد، والذي له علاقة بالأسانيد تحفة الأشراف، وعندما أبحث في تحفة الأشراف لا أستطيع أن أبحث فيه عن أطراف المتن وألفاظ المتن، إنما لابد أن يكون بين الإسناد؛ حتى أستطيع البحث فيه.
أما معجم ألفاظ الحديث أو المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، فلم يقل: لأطراف الحديث أو مقدمات الحديث أو أوائل الأحاديث، وإنما قال: لألفاظ الحديث، وهذا اللفظ سواء كان في الأول أو في الوسط أو في الآخر، الأمر لا يهمنا، فمثل هذا الحديث الذي مثلنا به (علامة المنافق) أبحث عنه في عدة مواضع، أبحث عنه في مادة (علم) التي هي مأخوذة من علامات، ومادة (نفق) المأخوذة من المنافق، ومادة (ثلث) المأخوذة من ثلاث، ومادة (أمن) المأخوذة من اؤتمن، ومادة (خون) المأخوذة من خان، ومادة (حدث) المأخوذة من حدَّث، ومادة (كذب) وغير ذلك من المواد؛ لأنك تفرغ الكلمة وترجعها إلى أصلها الثلاثي، ثم تبحث عنها، ثم تذهب إلى المعجم المفهرس فستجد ضبط الكلمة التي تبحث عنها موجوداً، مثل كلمة حَدَثَ وحَدَّثَ وحُدِّثَ، وغير ذلك من الأوجه التي أتت بها الكلمة، فأنت ستبحث مثلاً عن حدَّث، فلابد أن تكون عارفاً كيف تبحث، فالأصل أنني سأرجع إلى أصل الكلمة وهو مادة: حَدَث، وتحت هذه المادة تأخذ الكلمة بجميع تصاريفها وضبطها، فنرجع إلى الحرف المطلوب الذي أريده في الحديث الذي أمامي، وأول ما تذهب إلى مادة حدث ستجد قول النبي صلى الله عليه وسلم:(وإذا حدث كذب)، ثم يقول: رواه البخاري في كتاب كذا وكذا، رواه مسلم في كتاب كذا وكذا، رواه أحمد في مسند كذا وكذا.
وموضوع المعجم المفهرس تسعة كتب: الكتب الستة: البخاري ومسلم و