للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ضابط المستخرجات]

ثم انتقل من مستدرك الحاكم إلى المستخرجات، فقال: وقد خرجت كتب كثيرة على الصحيحين يؤخذ منها زيادات مفيدة.

وهذه أيضاً من فوائد المستخرج، فالحديث الذي استخرجه المستخرِج على أصل الصحيح يحمل زيادة؛ إما في السند، وإما في المتن، وهذه أيضاً فائدة من فوائد المستخرج.

قال: يؤخذ منها زيادات مفيدة، وأسانيد جيدة.

يعني: هناك أسانيد في المستخرجات أنظف من أسانيد المصنفات الأصلية، وهذه أيضاً فائدة.

قال: كصحيح أبي عوانة، وأبي بكر الإسماعيلي، والبرقاني، وأبي نعيم الأصبهاني وغيرهم، وكتب أخر التزم أصحابها صحتها: كـ ابن خزيمة، وابن حبان البستي وهما خير من المستدرك بكثير، وأنظف أسانيد ومتوناً.

رغم ما فيهما أيضاً من ضعيف؛ لأن ابن خزيمة وابن حبان يشترطان أصل الصحة، حتى سمي الكتابين: صحيح ابن حبان، وصحيح ابن خزيمة، ومع هذا تخلف هذا الشرط أحياناً، فإن في هذين الكتابين من الضعيف شيئاً ليس يسيراً.

وكذلك يوجد في مسند الإمام أحمد من الأسانيد والمتون شيء كثير مما يوازي كثيراً من أحاديث مسلم، بل والبخاري، بل وأنظف من أسانيد البخاري، بل ولم يخرجه واحد من أصحاب الكتب الستة ولا الأربعة، وهي: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وأما الأربعة فهم أهل السنن: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

ولذلك تجد عند أحمد أحاديث انفرد بها، فمثلاً: قد يوجد في مسند أحمد حديث ليس موجوداً في أي من الصحيحين أو السنن، بل يكون في مسند أحمد فقط هو الذي أخرجه، وأخرجه بإسناد الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، وهذا الإسناد يعتبر السلسلة الذهبية، فيكون هذا الإسناد الذي انفرد به الإمام أحمد أنظف من كثير من الأسانيد التي أخرجها البخاري ومسلم.

فنقول: على العموم البخاري ومسلم هما أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل، ثم البخاري يتفوق على مسلم، وفي بعض الكتب الأخرى كالسنن والمسانيد والمعاجم والأجزاء والفوائد أسانيد على حدة وعلى انفراد توازي وتعادل بل وتفوق بعض الأسانيد المنفردة عند البخاري وعند مسلم على انفراد، أما الكتابين في مجملهما - البخاري ومسلم - فقد تلقتهما الأمة بالقبول، وهما أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل.

وليس هذا القبول لكل حديث ولكل كلمة في الكتابين، وإنما لعموم الكتابين، ثم هناك أحرف يسيرة قد انتقدت على البخاري وعلى مسلم، هذه الأحرف اليسيرة التي طال فيها الخلاف بين إثبات ما كانت على شرط صاحب الصحيح أو لم يكن على شرطه، وظهر فيها الخلاف أيضاً بين الصحة والضعف، هذه الأحرف لم تتلقها الأمة بالقبول، وإنما الأمة تلقت بالقبول ما اتفق على صحته.

<<  <  ج: ص:  >  >>