[الموقف من الاستفادة من كتاب المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي]
ودع عنك من لم يكن له كبير ولا صغير باع في الحديث أن يقول لك: لا يحل اقتناء المعجم المفهرس في بيتك، ويشهد من أهل العلم على هذا الكلام، ولكنهم في الحقيقة من أهل العلم بالفقه والأصول، أما في الحديث فهو حاطب ليل، وكل إنسان تكلم في غير ميدانه أتى بالطامات.
وبناءً عليه فتلاميذه وأتباعه ومريدوه كل واحد فيهم قاطع المعجم المفهرس وحرقه، والمعجم المفهرس الآن ثمنه في السوق ثلاثمائة وسبعون جنيهاً، ولكن انظر إلى أين أدى الجهل! إلى أي نتيجة؟ كل واحد منهم ذهب وحرق المعجم المفهرس، لقيت طالباً منهم فقال لي: هل لديك المعجم المفهرس؟ فقلت له: نعم، فقال لي: لا يحل لك اقتناؤه، فقلت: لماذا؟ هل ورد في الكتاب أو السنة أنه حرام؟ قال: لا، شيخنا يقول: إنه حرام! الإنجيل نفسه اقتناؤه ليس حراماً، وأيهما أكثر شراً: الإنجيل أم المعجم المفهرس؟ فقال: هذا شر من الإنجيل! هو يحمل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم؟! قال: شيخنا قال هذا! فهل شيخك معصوم لا يخطئ أبداً؟ فقال: على أي حال أنا قلت لك.
فقلت له: هل يمكن أن تقول لي: لماذا هو حرام؟ قال: أنا لا أدري، لكن شيخي هو الذي قال ذلك، ثم ذهب وسأل شيخه وأتى، ثم قال: إن الشيخ تتبع مادة هود ونصر الخاصة باليهود والنصارى، فوجد أنه لا توجد مادة في كتاب المعجم المفهرس اسمها: هود أو نصر، فقلت له: صحيح؟! قال: نعم، فقلت له: والله إن صح هذا عن شيخك؛ فأنا أوقن أنه لم يفهم كيف يفتح هذا المعجم.
وكان هذا الكلام في المعرض الدولي للكتاب، وبما أنه معرض دولي فأكيد سيكون الكتاب موجوداً، فبحثنا عن مادة (هود)، ومادة (نصر) فوجدناها، فقلت له: اليهود والنصارى موجودة بكثرة، هل أنت متأكد أن شيخك فتح الكتاب؟ فقال لي: يمكن أنه فيه نقص، فقلت: على أي حال هذا عمل علمي مبارك ينتفع منه المسلمون، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التمسها.
ولو أن يهودياً مرَّ على مسلم وهو يزني، وقال للمسلم: هذا حرام، ما موقف المسلم في هذه الحالة؟ هل يقول: أنت يهودي لا أريد أن آخذ منك نصيحة.
تعال إلى العصر الحديث الذي نحن فيه الآن، حيث أريد جمع السنة على الكمبيوتر، والدعوى هذه معظمكم سمعها.
وقصة جمع السنة على الكمبيوتر طويلة ملخصها أنني كنت أعمل مع مؤسسة الرسالة، مع الشيخ شعيب الأرنؤوط عام اثنين وثمانين وثلاثة وثمانين وأربعة وثمانين وخمسة وثمانين، واستمريت مع الشيخ شعيب في مؤسسة الرسالة لأنه يعتبر الممسك بمكتب التحقيق في المؤسسة، فـ أبو مروان الذي هو دعبل صاحب المؤسسة طلعت بيني وبينه معرفة، وأنا صاحبه في المدينة، أنا كنت أعمل معه أربع سنوات، كان يفكر قبل أن أولد أنه يجمع السنة على كمبيوتر، لكن كان فقيراً أيامها، ثم لما صار مليونيراً أعوزه ورده عن الفكرة الجهاز العلمي: طلاب الفقه والسنة، يعني: هو يحتاج ما لا يقل عن ألف عالم وطالب علم يشتركون في المشروع، ثم لما صار عنده المال والجهاز العلمي؛ لأنه ما شاء الله مؤسسة الرسالة الآن لها مكتب تحقيق في القاهرة في المغرب في الجزائر في تونس في السينمائية مكاتب، ويشرف عليها الشيخ عبد المحسن التركي مدير جامعة ابن سعود في الرياض، وأنا وجدته في الأردن، هو مكتب الشيخ سعيد في المركز الرئيس، المهم أنه لا ينقصه الجهاز العلمي، قلت له: أنت الآن عندك المال وعندك الجهاز؟ قال: لا، أنا يلزمني أن يشترك معي واحد خشية الفشل، طيب! ما هو وجه الفشل؟ قال: إن التقدم التكنولوجي في استمرار ودوام، فربما نجمع السنة على الكمبيوتر بصفة معينة، ثم يخرج العام القادم كمبيوتر آخر أحدث منه فينتهي مشروع الرسالة.
ثم جاء شخص غيره وقال: أنا كنت أعمل مع الريان وكان ممسكاً بمكتب التحقيق، وهذا الكلام كان سنة (١٩٨٥ - ١٩٨٧)، قابلني في المعرض وقال لي: أنا عرفت أنك تعمل مع الريان، وأريدك أن تتوفق في مسألة مشاركة الريان لي في المشروع.
فأنا كلمت أحمد توفيق فقال لي: أنا مستعد، رضوان دعبل قال: يكلف المشروع عشرة ملايين، أحمد توفيق قال: أنا أضع في حساب هذا المشروع عشرين مليوناً، أنا كنت فرحاً جداً، لا لأننا سنشترك في المشروع، ولا لأجل أن أخانا رضوان دعبل سيشترك في المشروع، أنا وأنتم المستفيدون، وقعوا العقد، وأنا كنت حريصاً، لكن انظر كيف أن السوق يظهر المكر والدهاء لو لم يكن لهم دين يردعهم عن ذلك.
اجتمعنا في مكان ما نحن الثلاثة، واتفقنا على المشروع، وبعدما اتفقنا ووصلنا إلى المراحل الأخيرة وجدت رضوان يتحول بزاوية (١٨٠ْ) ويخوف أحمد من المشروع، ومن الخسائر التي يمكن أن تلحق بالمشروع، حتى اعتذر أحمد في نفس المجلس في آخره، وقال: لا، أنا لست مستعداً أن أضيع أموال المسلمين، فقال رضوان: والله! للأسف الشديد -يا أخي- أنا كنت فعلاً أفتقد لجوارك، ثم لما خرج رضوان وسافر إلى