[منهج البغوي في تقسيم الحديث في كتابه مصابيح السنة]
أما كتاب مصابيح السنة للإمام البغوي فقد ذهب فيه مذهباً في غاية العجب، لم يسبق ولم يلحق إليه؛ حيث قسم الحديث في كل باب من أبواب هذا الكتاب إلى قسمين: قسم الصحيح.
وقسم الحسان.
فمثلاً: الإمام البغوي يقول: باب الاستنجاء: القسم الأول: روى البخاري ومسلم روى البخاري روى مسلم.
القسم الثاني: روى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، روى أبو داود روى ابن ماجه روى أحمد.
والإمام البغوي في هذا الكتاب، قال: أنا منهجي أنني أجعل في كل باب من الأبواب الأدلة إلى قسمين: قسم أسميه الصحيح، وقسم أسميه الحسن، قالوا: كيف هذا الكلام؟ قال: الصحيح: هو الأحاديث التي رويت في الصحيحين أو في أحدهما.
والحسن: هو ما روي في السنن أو في أحدها.
وهناك في السنن أحاديث في القوة والمتانة أقوى وأعظم من بعض أحاديث الصحيحين، فقال: لا مشاحة في الاصطلاح، هذا اصطلاح خاص بي، فقال العلماء: نحتمله على مصطلحه هذا، وإن كان أهل العلم يخالفونه في هذا التقسيم.
وأظن أن مسألة الحديث الحسن أصبحت متضحة جداً، ولو أردنا أن ننهي القول لقلنا: إننا درسنا في علم المصطلح التعريفات الأولية التي لا ينبغي لطالب علم الحديث أن يجهلها، مثل المتن والإسناد والمسنَد والمسنِد، والمعلق والمعضل وغيرها، وهي تعريفات سريعة لكنها تفيد المقصود بإذن الله تعالى هذا أمر.
الأمر الثاني: أننا قلنا: إن الحديث من جهة وروده إلينا -أي: بالنظر إلى الطرق التي روي بها الإسناد- إذا كانت طرقه كثيرة جداً فيكون الحديث متواتراً، وإذا كانت الطرق محدودة رواية أو اثنتين أو ثلاثاً لا يبلغ مرتبة التواتر فيكون حديثاً آحاداً، وقلنا: إن الحديث المتواتر لا علاقة له بعلم الإسناد؛ لأنه صحيح قطعاً.
وعلم مصطلح الحديث ينظر في الإسناد والمتن من جهة القبول والرد، وهذا لا يستقيم إلا مع قسم الآحاد؛ لأن المتواتر صحيح وثابت يقيناً، مثل القرآن، فالمتواتر حكمه حكم القرآن الكريم.
والحديث الآحاد قسمناه إلى مقبول ومردوده فالمقبول أربعة أنواع: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لذاته، وحسن لغيره.
والمردود هو الضعيف بجميع أنواعه.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.