ومناله من الدنيا فما يُرى، ولا يتمنى شيئاً، ليس له، فيقول: ليته لي، فإن الدنيا بما فيها له.
(وما الفِرارَ إلى الأجبالِ منْ أسدٍ ... تمشي النَّعامُ به في معقِلِ الوَعِلِ؟)
قال أبو الفتح: أي قد أخرج النَّعام عن البر إلى الاعتصام برؤوس الجبال.
قال الشيخ: هذا التفسير أفسد من كل فاسد، وما كان سيف الدولة يصيد النعام، أي يحاربها حتى ضيق عليها البر، فألجأها إلى الاعتصام عنه بالجبال، ومعناه ما يجدي فرارُ الروم عنه إذ يحاربها إلى الجبال، وهو من إقباله ويُمنه ودولته ييسِّر النَّعام للمشي في الجبال ومعاقل الأوعال. والنعام من الحيوان البادية لا تقرب الجبال، ولا ترتقي إليها، ولا تألفها، ولا تعمل فيها، ولا تعرفها، أي: إذا كان سيف الدولة وآثار دولته وإقباله بهذه الصفة، فما أجدى فرار الروم عنه إلى الجبال، فإنها لا تعصم تلك عنه وعن جنوده كما قيل:
يصِحُّ المُحالُ بإقبالهِ ... ويثبتُ في كفِّهِ الزِّئبقُ