مررت بهما اثنيهما، ولا مررت به واحده، كما قالوا: مررت بهم ثلاثتهم، لما كان الاثنان هو الضمير المضاف إليه.
ففي إجازتهم لإضافة كلا مع امتناعهم من إضافة اثنيهما وواحده، دلالة على مخالفة كلا لهما، في باب التثنية.
ووما يدلك على رفضهم إضافة الشيء إلى نفسه، أنهم لما قالوا: مررت بهم
ثلاثتهم، أو ثلاثتهم، وأربعتهم، وأربعتهم، فتركوا الجمع للكثرة، وأضافوا الثلاثة ونحوها إليه، ولم يجز ذلك في التثنية؛ لأن التثنية في الضمير لا يجوز أن يراد به أكثر من الاثنين، فيحصل فيه إضافة الشيء إلى نفسه، رفضوا ذلك، وصيغ كلا مفرداً دالاً على التثنية، كما كان كل دالاً على الجمع، وأضافوا هذا المفرد إلى ضمير التثنية؛ لأنه لا يمتنع إضافة المفرد إلى الاثنين، نحو قولك: أحدهما، وهذا أفضلهما، وأيهما أخوك، فلو كان كلا لفظه التثنية لرفض إضافته إلى التثنية، كما رفض إضافة الاثنين إليه، في قوله: اثنيهما، وكما رفضوا أن يقولوا: مررت به واحده؛ من حيث كان الواحد الضمير المضاف إليه، فقالوا في هذا المعنى: مررت به وحده؛ لتقع إضافة المصدر إلى ضمير المفرد، وليس المصدر بالضمير، في هذا المعنى.
فهذا مما يتبين منه أن كلا مفرد اللفظ، وإن كان يدل على التثنية.
فإن قيل: ما تنكر أن تجوز إضافته، كما جاز إضافة كل؟
قيل: إنما يكون بمنزلة كل إذا كان مفرداً؛ ألا ترى أن كلا مفرد أيضاً،