[قال أبو علىّ]: حروف المعانى تحذف مع الأسماء على ضروب، أحدهما: أن يحذفَ [الحرفُ] ويضمّنَ الاسمُ معناه، وهذا يوجب بناء الاسم، نحو أينَ، وخمسةَ عشرَ، وأمسِ، في قول الحجازيّين ومن بناه، ولهىَ أبوكَ.
والآخرُ: أن يعدلَ الاسمُ عن اسمٍ فيه حرفُ، فهذا المعدولُ لا يجب بناؤه، لأنه لم يتضمّن الحرفَ، فيلزمَ البناءُ، كما تضمّنه الأوّلُ، لأنّ الحرفَ يرادُ في ذلك البناء الذي وقعَ العدلُ عنه، وإذا كان هناك مراداً لم يتضمّن هنا الاسمَ، ألا ترى في ذلك أنّه محالُ أن يرادَ ثمّ، فيعدلَ هذا عنه، ويتضمّنَ معناه، لأنّك إذاً تثبتُ الحرفَ في موضعين، فلا يكون حينئذ عدلاً، ألا ترى أنّ العدلَ إنما هو أن تلفظَ ببناءٍ، وتريد الآخرَ، فلا بدّ من أن يكون البناءُ المعدولُ غير المعدولِ عنه، ومخالفاً له، ولا شئَ يقعُ فيه الخلافُ بين سحرَ المعدولِ والمعدولِ عنه، إلاّ إرادةُ لامِ التعريف في المعدولِ عنه، وتعرّى المعدولِ منه، فلو ضمّنته معناه، لكان بمنزلةِ إثباته، ولو أثبتّه لم يكن عدلاً، فإذا كان كذلك، لم يجزْ أن يتضمّنه لم يجزْ أن يبنى كما بنى أمسِ.
والضّربُ الثالث: أن يحذف الحرفُ في اللّفظ، ويكون مراداً فيه، وإنما تحذفهُ من اللفظ اختصاراً واستخفافاً، فهذا يجرى مجرى الثّبات، فمن هذا القسم: الحذفُ في
جميع الظّروفِ، [في] حذفت اختصاراً، لأنّ في ذكرك الأسماءَ الى هي ظروفُ دلالةً على إرادتها، ألا ترى أنّك إذا قلت: جلستُ خلفك، وقدمت اليومَ، علمَ أنّ هذا