للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فحذفَ الباءَ، كما حذفتْ من: كفى باللهِ، لمَّا قيل: كفى اللهُ، فاستتر الضَّميرُ في الفعل، وعلى هذا قولُ أوسٍ:

تردَّدَ فيها ضوءها وشعاعها ... فاحصنْ وأزينْ لامرئٍ إنْ تسربلاَ

ولا يجوزُ حذفُ الجارِّ والمجرور، من حيث لم يجز حذفُ الفاعل.

فإن قلتَ: فكيف القولُ في قوله: (أسمعْ بهمْ وأبصرْ) ولم يذكرِ الجارَّ والمجرور بعد (أبصرْ)، كما ذكرا بعد (أسمع بهمْ)؟

فالقولُ في ذلك: أنَّ حذفَ الفاعلِ قد جازَ في قولِ ناسٍ من أهلِ النَّظر في العربيّة، وقد ذهب أبو الحسن، في بعض الأشياء، إلى ذلك، ومن لم يجزْ حذف الفاعل - وهو قول سيبويه - جعل في قوله: (أبصرْ) ضميراً، كما كان في قولِ أوسٍ.

فإن قلت: فهلاَّ جمع الضَّميرَ لمَّا حذفَ الجارَّ، فاتَّصلَ الفاعلُ بالفعلِ، كما تقولُ: القومُ كفوا، إذا لم تلحقِ الجارَّ، فتقول: القومُ كفى بهمْ.

فالقولُ في ذلك: أنه يجوزُ أن يكونَ أضمرَ على لفظِ المفرد، دونَ الجميع، لأنَّ هذا الفعلَ بمنزلةِ نعمَ وبئس، فكما لم يلحقوا علامةَ الجميع، هذين الفعلين،

<<  <   >  >>